أقرانه، وبهذا الحديث استدل الشافعي ومن وافقه على أن الاستقبال والاستدبار في البنيان لا بأس به.
قال النووي: شرفُ بيت المقدس دون شرف الكعبة، ولما كان استقبال الكعبة واستدبارها حرامًا، كان ذلك في شأن بيت المقدس على وجه الكراهة. قال الخطابي: إنما ذكر استقبال بيت المقدس، لاستلزامه استدبار البيت الحرام، وفيه نظر؛ إذ عدم الملازمة في سائر الأماكن ظاهرة.
(وقال: لعلك من الذين يُصلون على أوراكهم؟ فقلت: لا أدري) هذا كلام ابن عمر لواسع بن حَبَّان، وكان زعم أن استقبال بيت المقدس لا يجوزُ، فكَنّى ابن عمر عن جهله بقوله: لعلك من الذين يصلون على أوراكهم؛ فإنه فعلُ من يجهل السنة. وقد فَسر مالك قولَ ابن عمر: من الذين يصلون على أوراكهم: بأنه الذي إذا سَجَدَ يلصق بطنه بالأرض. قال ابن الأثير: وذلك أن الذي يفعل في سجوده ذلك يرفع وركه. والورك هو ما فوق الفخذ.
فإن قلتَ: قد قال الفقهاء: التورك في الصلاة سنة؟ قلتُ: التورك الذي قالوا: إنه سنة هو أن يُنَحي رجليه في التشهد ويلزق مقعده بالأرض، وهو وضع الورك، والمكروه ما ذكره في الحديث. وفَسَّره الأزهري على وجهٍ آخر. قال المكروه أن يَضَعَ يَدَيْهِ على وركَيْهِ في الصلاة وهو قائم. قال: وقد نُهي عنه. قال ابنُ بطال: أما قول ابن عمر: إن ناسًا يقولون ... إلى آخره، فما رواه معقل الأسدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن استقبال بيت المقدس ولفظه:"القبلتان بغائط أو بولٍ".
واعترض على ابن بطال بعضُ الشارحين وقال: جعل "إن ناسًا يقولون" من كلام ابن عمر لا لواسع، والسياق لا يساعده. هذا كلامه. والصواب ما قاله ابن بطال، بل ولا يتصور غيره بوجه فتأمّل في السياق، كيف لا وابنُ عمر هو الذي يردّ على أولئك الناس بما رآه من