الصداقة القديمة (فبينا سعد يطوف إذا أبو جهل) أي: صَادَفَهُ. (تطوف بالكعبة آمنًا وقد آويتم محمدًا وأصحابه، فتلاحيا) أي: تخاصمًا من الطرفين (فقال أمية لسعد لا ترفع صوتك على أبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي) أي: أهل مكة، وعمرو بن هشام كان يكنى أبا الحكم -بفتح الكاف - (فقال: دعنا عنك) يقول سعد لأمية: (فإني سمعت محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يزعم أنه قاتلك) العجب من شارح يفهم من هذا أن الضمير في أنه قاتلك لأبي جهل، وقد ارتكب لهذا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل أمية بنفسه، ولم يعلم أنه أمر بالقتل، وقتل تحت رايته، فكل من قتل كان مقتولًا له حكمًا، وكون أبي جهل قاتلًا له، لأنه كان سببًا في خروجه أبعد من كل بعيد. على أن في بعض الروايات هذا الحديث صريح اسم محمد بدل الضمير، وإنما الكلام على تقدير أن لو لم يكن ذلك، فإنه كالصريح معلوم لكل أحد، وليت شعري إذا كان بمعنى الكلام أن أبا جهل هو القاتل، فأي معنى لامتناع أمية من الخروج إلى بدر، وقوله لامرأته:(أما تعلمين ما قاله لي أخي اليثربي؟ قالت: وما قال لك؟ قال زعم أنه سمع محمدًا يزعم أنه قاتلي) هذا لفظ البخاري، وليس هنا ذكر لأبي جهل، فكيف يفهم من هذا الكلام أن أبا جهل هو القاتل؟ لأنه سبب في إخراجه، على أنه يلزم أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتل كل من قتل بأحد؛ لأنه سبب لخروجه، والله الموفق.