للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِى فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ. طرفه ٣٨٦٠

ــ

أي: إما قال: أستنفض، أو ما يؤدي معناه. ويجوزُ أن يكون عطفًا على "أحجارًا" وإفراد الضمير؛ لأنه في تأويل ما يستنجى به، ويؤيده قوله: (ولا تأتني بعظمٍ ولا رَوْثٍ).

قال الخطابي: إنما نَهَى عن العظم لأنه لزج لا يقلع النجاسة ولأنه ربما يكون فيه بقيةُ لحم، وربما تؤكل أيضًا بعض العظام. هذا كلامه. وهو تكلف منه. وقد روى الترمذي والنسائي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تستنجوا بالعظم والروث، فإنه زاد إخوانكم من الجن" يريد: أن العظام لهم، والروث والحُمَمَة -بضم الحاء وفتح الميمين- وهو الفحم، وكأنه حطبٌ لهم أيضًا.

فإن قلت: العظم والروث كيف يكونان طعامًا؟ قلت: جاء في الحديث أنهم يجدون العظم أوفَرَ ما كان لحمًا، والروث أوفر ما كان حبًا.

فإن قلت: تخصيص العظم والروث بالذكر يدلّ على أن ما عداهما كافٍ أي شيءٍ كان، وقد استثنى الشافعي كل أملَسَ كالزجاج وما في معناه. قلتُ: النص معقول المعنى، والأَمْلَسَ لا يقلع النجاسة، فأيّ فائدة في استعماله؟ وأما استثناء مالَهُ حُرمةٌ كالخبز ونحوه، ليس من حيث إنه لا يصحّ، بل لو فعل ذلك أجزأ إلا أنه معصية، كالصلاة في الأرض المغصوبة.

فإن قلتَ: ما الحكم في الاستنجاء؟ قلتُ: الندب عند أبي حنيفة سواء كان بالماء أو بالحجر؛ لأن قدر الدرهم من النجاسة عنده معفو عنه في النجاسة الغليظة والشافعي وأحمد على الوجوب؛ لأن النجاسة مانعةٌ عن صحة الصلاة، إلا أن الشارع أقام الحجر وما في معناه مقام الماء، وإن لم يكن مزيلًا تيسيرًا.

وقال أبو محمد عبدُ الله بن أبي زيد من المالكية: الاستنجاء ليس من سنن الوضوء، ولا من فرائضه بل هو من قبيل إزالة النجاسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>