هو عُبيد بن جُريج التيمي مولاهم (رأيتك تصنع أربعًا) أي: أربع خصال (رأيتُكَ لا تَمَسُّ من الأركان إلا اليمانيين) الركن اليمني وركن الحجر، وهو الركن العراقي، وفي إطلاق اليمانيين تغليبٌ (ورأيتُك تلبس النعال السِّبْتِية) بكسر السين قال ابنُ الأثير: السِّبت بكسر السين جلود البقر المدبوغة من السبوتة وهي اللين، أو لأن الشعر بالدباغة سبت عنه أي: أزيل، واعتراض ابن جريج في النعال السبتية، لأنها شعار المترفين؛ فإن أكثر العرب كانوا يلبسون مع الشعر (ورأيتك تصبُغُ بالصفرة) -بضم الباء وفتحها- من الصَّبْغ - بسكون الباء - وهو تغيير لون وتبديله إلى لونٍ آخر، والمراد: خضاب شعره. وقيل: المراد صبغ الثوب. قال المازري: وإليه ذَهَبَ مالك استدلالًا بحديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخضبْ.
قال النووي: والحق أنه صبغ وقتًا وترك وقتًا، وكلٌ أخبر بما رأى. قلتُ: لبس الأصفر لم يصح فيه حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبسه على أن أبا داود والنسائي رَوَيا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الله بن عمرو ثوبًا مصبوغًا بالعصفر، قال عبد الله: قال لي: "ما هذا؟ " فعرفتُ أنه كرهه. فانطلقتُ فأحرقته. فقال:"ما فعلْتَ بثوبك؟ " قلتُ: أحرقتُه. قال:"هلا ألبسْتَ نساءك فإنه لا بأس بذلك".
(أما الأركان فإني لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسُّ إلا اليمانيين) قيل: الحكمة في ذلك أنهما على قواعد إبراهيم بخلاف بقية الأركان، وسيأتي أن معاوية وابن الزبير كانا يمسَّان الأركان كلها، ثم انعقد الإجماع على الاقتصار عليهما.
(رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي لا شعر فمها ويتوضأ فيها) هذا موضع الدلالة