قَدْ لَحِقَ بِنَا. فَالْتَفَتَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ». فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مُرْنِى بِمَا شِئْتَ. قَالَ «فَقِفْ مَكَانَكَ، لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا». قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلَاحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ. فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِى أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ، إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهْوَ فِي نَخْلٍ لأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِى يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهْىَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَىُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ». فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ أَنَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِى، وَهَذَا بَابِى. قَالَ «فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلاً». قَالَ قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. فَلَمَّا جَاءَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّى سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِىَّ مَا لَيْسَ فِىَّ. فَأَرْسَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ
ــ
(فكان أول النهار جاهدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: على قتله أو أسره (وكان آخر النهار مسلحة له) المسلحة: مكان السلاح، فالكلام على طريقة الشبه، كأن حامل السلاح مكانه؛ لأنه كان يرد عنه العدو (فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جانب الحرة) هذا انتقاله من قباء بدليل قوله: (ثم بعث إلى الأنصار) لأنه حين قدمه أخبرهم اليهود (وأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب) هو موضع المسجد حيث نزلت ناقته (سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف) بالخاء المهملة المعجمة من الاختراف وهو جذاذ الثمر (فعَجِل) بفتح العين وكسر الجيم (فقال نبي الله: أي بيوت أهلنا أقرب) يريد بني النجار لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد من [بني] النجار (فقال أبو أيوب: هذه داري، فقال: انطلق فهيئ لنا مقيلًا) أي: مكان قيلولة، وحديث عبد الله بن سلام تقدم في كتاب الأنبياء وفي مناقبه.