فضّلَ عن عمر على أبيه لأن عمر مع كماله رأى نفسه أولى بالذم، وهذا كمال عظيم.
٣٩١٦ - (محمد بن صَبّاح) بفتح الصاد وتشديد الباء (كان ابن عمر إذا قيل له هاجَر قبل أبيه يغضب) قد سلف أن عمر قال في ابنه إنه هاجر به أبواه (قال: قدمت أنا وعمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدناه قائلًا، فرجعنا إلى المنزل فأرسلني عمر وقال: اذهب فانظر هل استيقظ فدخلت عليه فبايعته) غرضه من هذا بيان غلط الناس فإنه بايع قبل أبيه، فالتبس على الناس، وفي هذا الكلام اشتباه، فاستمع إلى ما أذكره: وهو أن ابن عمر أسلم بعد إسلام أبيه وهو صغير، ولم يحضر بدرًا ولا أحدًا لصغره. قاله ابن عبد البرة والصواب أن أول مشاهده الخندق، وشهد الحديبية وكانت هذه البيعة بيعة الرضوان لا البيعة على الإسلام، فقوله: فقدمت أنا وعمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يريد وهو بالحديبية، وسيأتي في غزوة الحديبية أن ابن عمر قال:"أرسلني عمر إلى رجل من الأنصار يطلب منه فرسًا يقاتل عليه، قال فذهبت فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع النالس فبايعته، فرجعته فأخبرت عمر" وبهذا التقرير سقط ما قاله الداودي ومن قلده بأن هذه البيعة كانت عند مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، والذي يقطع دابر الشبهة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يبايع الصغار، وقد نقلنا لك الاتفاق على أن ابن عمر عند مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان صغيرًا.
فإن قلت: فما معنى قول ابن عمر: (قدمت أنا وعمر على رسول الله)؟ قلت: معناه أتيناه وذلك أن عمر هاجر قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة باتفاق أهل السير فتأمل.
فإن قلت: كان ابن عمر بايع أولًا قبل عمر فلِمَ بايعه ثانيًا؟ قلت: تأدبًا لتكون بيعته بعد بيعة أبيه.