قُتَيبة: كان دخلُه كلَّ سنةٍ ثمانين ألفَ دينار، ولم تجب عليه الزكاة في عمره. وقال الشافعي.
كان أفقهَ من مالك، ولكن ضَيَّع عملَهُ أصحابُه، وكان يتأسف على عدم لقائه (عُقيل) بضم العين على وزن المصغر (ابن شِهاب) -بكسر الشين- هو محمد بن مسلم بن عبد الله الزهري القريشي، نسبةً إلى جده الأعلى زهرة بن كلاب: تابعي جليلُ القدر بالمحل الأعلى من الحفظ والإتقان، وأحسنُ الرواة سياقًا للمتون، رأى عشرةً من الصحابة، ولم يتفق لأحدٍ ما اتفق له من التلاميذ، رَوَى عنه مالكٌ والليث، وكفاه ذلك منقبةً.
(أولُ ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحةُ) مِن: بيانية أو تبعيضية، والثاني أظهر. والرؤيا: مصدر رأى، يطلق على ما يُرى في اليقظة والمنام. قاله ابنُ عباس، وذكره في "الكشاف". والثاني هو المراد من الحديث، وهو أن يُخلق في قلب النائم الإدراكُ على نحو ما كان يدرك في اليقظة بواسطة الحواس، إذ المقابلةُ، وتوسطُ المسافة، والحَدَقة ليست بشرط في الرؤية. ألَا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى من ورائه كما كان يرى من قُدَّامه؟ وقيل: أو يخلق الله في حواشه؛ وفيه: أن الحواس لا دَرْكَ لها في حالة النوم، أَلَا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنام عيناي ولا ينام قلبي".
"والصالحةُ" هي الصادقةُ كما وقع كذلك في باب التفسير وكذا لمسلم في باب بدء الوحي، ويجوز أن يُراد بالصالحة: ما يدل على المعنى الحَسَن من الأمور المستقبلة، وما فيه بشارة (فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثلَ فَلَق الصبح) فَلَقُ الصبح: ضياؤه، يُضرب المثلُ به لأمرٍ يكون في غاية الوضوح وهو الصبح أيضًا قال الله تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق: ١].
فإن قلتَ: ما الحكمة في البداءة بالرؤيا دون مجيء المَلَك؛ قلتُ: يَسْتَشْعِر بكرامَةٍ من الله ويَتَدَرَّج حتى إذا جاء المَلَك لا يحمله على الشيطان؛ فإن تلك المقدماتِ لا تلائم