للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ». فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا الْكِتَابُ. فَقَالَتْ مَا مَعَنَا كِتَابٌ. فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ. فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ». قَالَ حَاطِبٌ وَاللَّهِ مَا بِى أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِى عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِى وَمَالِى، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَاّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «صَدَقَ، وَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَاّ خَيْرًا». فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ «أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ». فَقَالَ «لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. طرفه ٣٠٠٧

ــ

(فأنخناها) أصله فأنخنا بها حذف الياء وأوصل الفعل (فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها) -بضم الحاء وسكون الجيم- معقد الإزار.

فإن قلت: تقدم في أبواب الجهاد أنها أخرجته من عقاصها؟ قلت: أخرجته من أحد الموضعين، وأخفته في الآخر، ثم لما رأت الجد أخرجته لهم.

(لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) قال بعضهم: أي غفرت لكم ما مضى من الذنوب واستدل عليه بأنه لو كان على الاستقبال لقال سأغفر لكم، وأيضًا لو كان على الاستقبال لكان إذنًا في المعاصي، وليس بشيء، أما أولًا فلأنه يرد قوله: "اعملوا"؛ فإنه مستقبلٌ قطعًا، وأما ثانيًا: فلأن قضية حاطب بعد بدر فكيف يصح الاستدلال؟ وسيأتي في البخاري من قول عمران بن حصين: إن علي بن أبي طالب إنما جره، هذا الحديث، قال النووي: معنى الترجي في لعل راجع إلى عمر؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جازمًا بذلك، قلت: رجوعه إلى عمر بعيد عن السياق، وأما كون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جازمًا ما لا ينافي ذلك؛ فإنه يقوله تأدبًا، ولئلا يتكل السامعون كل الاتكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>