وكر إلى المدينة، وإنما لم يخبرهم لئلا يفطن اليهود لذلك فلما استلبث الأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاموا طالبين له فرأوا رجلًا مقبلًا من المدينة فسألوه، فقال: رأيته داخلًا المدينة فدخلوا وراءه، فأخبرهم بقصد اليهود، فأنذرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتهيأ لقتالهم، فأرسل ابن سلول وبعض المنافقين إليهم أن تحصنوا في الحصون فإنا معكم كما أخبر الله عنهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١١)} [الحشر: ١١].
قال ابن هشام: حاصرهم ست ليال، وقيل خمسة عشر يومًا، وقيل خمسًا وعشرين وقيل: ثلاثًا وعشرين، فألقى الله الرعب في قلوبهم فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكف عن دمائهم ويجليهم على أن لهم ما حملت الإبل من الأموال إلا السلاح، فلحق أشرافهم بخيبر، والباقون لحقوا بالشام، فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموالهم في المهاجرين دون الأنصار إلا أبا دجانة وسهل بن حنيف، وكانت هذه الأموال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة بنص القرآن، إلا أنَّه لم يستقل به كرمًا، وأسلم منهم رجلان: يامين بن عمير وأبو سعد بن وهب، فأحرزا أموالهما.
قال ابن هشام: وكان عمرو بن جحاش الَّذي أراد الكيد برسول الله ابن عم يامين فأعطى رجلًا جعلًا فقتل عمرو بن جحاش.
٤٠٢٨ - (وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع رهط عبد الله بن سلام) كان إجلاء هؤلاء بعد بدر بشهر قبل النضير، كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فنقضوا العهد فحاربهم فنزلوا على حكمه فأراد قَتْلَهُم، فشفع فيهم ابن سلول رأس النفاق.