ابن عمر كانت الكلاب تقبل وتدبر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد) يريد به مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. اللام فيه للعهد (فلم يكونوا يرشون من ذلك شيئًا) فضلًا عن الغسل. وهذا ظاهر، لأن رِجله طاهرة إذا كانت يابسةً؛ إذ لا نجاسة بين اليابسين. وأما سقوط لُعابها أو بولها على الأرض فليس بمعلوم.
فإن قلتَ: جاء في بعض روايات البخاري كانت الكلاب تبول وتقبل؟ قلتُ: ذلك ليس في رواية الفِرْبْرِي، ولو صَحّ ذلك كان محمولًا على عدم علمهم بموضعه، إذ بول الكلب ليس بأخف من بول الإنسان، وقد أمر بصَبّ ذَنوب من الماء على بول الأعرابي، أو منسوخ بحديث الأعرابي. وأما الاعتذار بأنهم كانوا يقلبون وجه الأرض فلم يثبت مع كونه مخلًا باحترام المسجد، ولو كان ذلك شأنهم، لأمر به في بول الأعرابي، لقوله:"إنما بُعثتم ميسرين" وما يقال: إنما نقل الحديث بلفظ: قال، مع أن: قال، من نوازل الدرجات، فليس بشيءٍ؛ لأن البخاري لا يفرق بين العبارات. قال ابنُ الصلاح: قول المحدثين: قال فلان وذكر فلان محمول على السماع إذا عرف اللقاء. وهذا شأن البخاري، فإنه يشترط اللقاء.
١٧٥ - (عن [ابن] أبي السَّفَر) بفتح السين والفاء ويرويه بعضُ المغاربة بسكون الفاء (عن الشعيي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو عامر الكوفي التابعي الجليل القدر (عن عدي بن حاتم) -بفتح العين وكسر الدال والياء المشددة- الجواد بن الجواد، يكنى أبا طريف بالطاء المهملة (فإنما سمّيت على كلبك ولم تُسَمِّ على كلب آخر).