أبا هريرة؟ قال: فُسَاءٌ أو ضُرَاطٌ. وإذا كانا حدثًا فالبول والغائط من باب الأَوْلى (وبذكر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرقاع) قيل: هذه الغزاة في السنة الثانية من الهجرة. قال البخاري: كانت بعد خيبر، وهو الصواب؛ لأن راوي الحديث سيأتي أبو موسى وهو إنما جاء من الحبشة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح خيبر، وإنما سميت ذات الرقاع، لأنهم كانوا يلقون على أقدامهم الرقاع. وقيل: اسم شجرة هناك. وقيل: لأن ألويتهم كانت رقاعًا.
([فرُميَ] رجل بسهم فنزفه الدم) قيل: الرجل الذي رمي عباد بن بشر. والنزف -بالنون والزاي المعجمة- خروج الدم بكثرة. قاله الجوهري (فركع وسَجَدَ ومضى في صلاته) استشكل هذا، لأن خروج الدم ولو سلّم أنه ليس حدثًا فإنه خبث بالاتفاق. قال الخطابي: الاستدلال به مشكل، لأنه لا بُدّ وأن يصيب منه بدنه أو ثوبه، وإن كان يسرًا لا تصح صلاته، اللهم إلا أن يكون خروج الدم على سبيل الدَّفْق بحيثُ لا يصيبه شيءٌ منه، وأجاب بعضُهم بأن الدم القليل معفو عنه، أو لأنه أزاله في الحال، وكلا الجوابين مردود.
أما الأول: فلأن لفظ الحديث: النزف وهو الدم الكثير.
وأما الثاني: فلأن قوله: فركع وسجد ومضى في صلاته، صريحٌ في أنه لم يشتغل بإزالة الدم، بل الجواب أنه ليس فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك وقرّره عليه على أن في حالة الحرب يفتفر ما لا يفتفر في غيره.
فإن قلت: لم ذكر بلفظ يذكر وهو صيغة التمريض؟ قلتُ: لأنه لم يكن أصل الحديث عنده، لكن رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
(وقال الحسن: ما زال المسلمون يُصلّون في جراحاتهم) -بكسر الجيم في المفرد والجمع- وهذا ظاهر إذا لم يَسِلْ دمُهُ وكذا إن سال، لأنه من الأعذار (وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء) طاوس هذا من أبناء فارس