للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ فَقَالُوا عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. فَيُشَارُ أَلَا تَرِدُونَ، فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ. فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَاّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا، فَيُقَالُ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِى كُنَّا نَعْبُدُ. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا». طرفه ٢٢

ــ

المعجمة، وتشديد الموحدة جمع غابر، وهو الباقي من الشيء، والمراد بهم الذين بدلوا وغيروا بعد الأنبياء (فيشار) إلى النار (ألا تردون) الورود: الدخول على مشرع الماء، فإن النار لما شابهت السراب، والسراب يشبه الماء استعار لها الورود (ثم يدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عيسى ابن الله، فيقال لهم: كذبتم).

فإن قلت: هم صادقون في هذا القول لم كذبوا؟ قلت: التكذيب راجع إلى الخبر اللازم لهذا الخبر، وهو كون عيسى ابن الله، ألا ترى إلى قوله بعده {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: ٣].

(أتاهم ربهم في أدنى صورة) أي: صفة، أي: ظهر لهم وتجلى على غير الصفة التي عرفوه بها من الخلو عن الجهة. قالوا: وهذه الرؤية على هذا الوجه آخر فتنة يفتن بها المؤمن.

فإن قلت: ترجم الباب على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: ٤٠] وليس له في الباب ذكر؟ قلت: آخر الآية: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: ٤٠] والذرة من الحسنات لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧] ودأب المصنف كما أشرنا إليه مرارًا الاستدلال بالخفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>