المعجمة، وتشديد الموحدة جمع غابر، وهو الباقي من الشيء، والمراد بهم الذين بدلوا وغيروا بعد الأنبياء (فيشار) إلى النار (ألا تردون) الورود: الدخول على مشرع الماء، فإن النار لما شابهت السراب، والسراب يشبه الماء استعار لها الورود (ثم يدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عيسى ابن الله، فيقال لهم: كذبتم).
فإن قلت: هم صادقون في هذا القول لم كذبوا؟ قلت: التكذيب راجع إلى الخبر اللازم لهذا الخبر، وهو كون عيسى ابن الله، ألا ترى إلى قوله بعده {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}[الجن: ٣].
(أتاهم ربهم في أدنى صورة) أي: صفة، أي: ظهر لهم وتجلى على غير الصفة التي عرفوه بها من الخلو عن الجهة. قالوا: وهذه الرؤية على هذا الوجه آخر فتنة يفتن بها المؤمن.
فإن قلت: ترجم الباب على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}[النساء: ٤٠] وليس له في الباب ذكر؟ قلت: آخر الآية: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}[النساء: ٤٠] والذرة من الحسنات لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧] ودأب المصنف كما أشرنا إليه مرارًا الاستدلال بالخفي.