هذا قاتل محمد بن طلحة في وقعة الجمل، كان مع أبيه في عسكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وشريح في عسكر أمير المؤمنين علي بن أبى طالب، ووجه الدلالة أنه نصب حم على المفعولية، وهذا من خواص الاسم.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: الآية الثانية موجبة للقنوط لا لعدمه، قلت: غرضه أني لا أقدر على التقنيط، وقد قال تعالى لأهل النار:{لَا تَقْنَطُوا}. هذا كلامه، وهو خطأ فاحش، وهل يقول الله لمن كان أهل النار: لا تقنطوا، بل أخبر، قال من هما لم يرد بالارتداد عن الإسلام، بل التخلف عن الحقوق الواجبة، إذ لم يرتد أحد من الصحابة عن الإسلام، وقلده في ذلك غيره، وهذا ليس بشيء، فإن الارتداد إنما يكون بعد الإسلام، وأما قوله: لم يرتد أحد من الصحابة، فأي معنى لقوله: أصحابي، إذا لم يكونوا من الصحابة، وأما قوله: هؤلاء طائفة من جفاة الأعراب فسلمنا، ولكن الصحابي من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو نظرة.
خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواضع بأن لا يشتغل بمثلهم؛ لأنهم يخلقون للنار لا تجدي فيهم الآيات، والجواب عن الإشكال أن الآية الثانية إنما ذكرها تخويفًا وتحذيرًا للسامعين، فإنه تعالى وإن أخبر في هذه الآية وهي المسرف عن القنوط من رحمته، فقد أخبر في الآية الأخرى بضده، ذلك بأن المسرفين هم أصحاب النار، فعلى المسرف أن يبادر إلى التوبة، وأن لا يموت وهو مسرف، ألا ترى كيف أتبعه بقوله:(إنما بعث الله محمدًا مبشرًا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرًا بالنار لمن عصاه).