أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ
ــ
{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩] فإن لفظ ما يشمل كل شيء، وقد بسطنا الكلام عليه في تفسيرنا "غاية الأماني".
(ولم يقل قول السفهاء لا يحل حتى تقول: لا أغتسل لك من جنابة) هذا كلام البخاري يمدح به طاوس في تفسير قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}[البقرة: ٢٢٩] في كل ما افترضه الله من حقوق العشرة، وهذا الذي قاله البخاري رواه ابن جريج عن أبي طاوس، فيجوز أن يكون اختصر البخاري، أو وافقه بكلام من عنده، وقد قال بعض الناس: إنما يحل أخذه إذا قالت المرأة: لا أغتسل لك من الجنابة إما حقيقة أو كناية عن عدم التمكين من الوطء فجعل البخاري هذه مقالة السفهاء، إذ لا دلالة في الآية على هذا القيد فإن حدود الله أعم كما قاله طاوس.
وأنا أقول: يجوز هذا كلام طاوس بعدما بين حدود الله، قال: لم يقل الزوج: لا يحل لي الخلع إلا إذا قالت المرأة: لا أغتسل لك كما يعتقده بعض السفهاء.
وقال بعض الشارحين معناه: لم يقل الله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا}[البقرة: ٢٢٩] إلا أن تقول المرأة: لا أغتسل لك، حينئذٍ تكون ناشزة فيحل الأخذ منها. هذا كلامه، وهو منكر؛ إذ محصله أن الله لم يقل مقالة السفهاء، وأي سليم الذوق يختار هذا في شرح كلامه تعالى، على أن آخر كلامه فيه خبط؛ لأن ابن طاوس إنما جعله من كلام السفهاء لعدم انحصار السبب فيه كما دل عليه صريح عبارته، وهذا الكلام الذي رد طاوس، يروى عن الحسن وغيره، وجهه شيخنا بأنه أراد بذلك مثال الغضبان لا يحصر فيه لفظه حتى يأبى هذا التوجيه.
٥٢٧٣ - (أزهر) بفتح الهمزة وزاي معجمة (أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -) امرأته جميلة بنت أبي بن سلول أخت عبد الله المنافق، هو الصواب، به جزم ابن عبد البر والنووي، وقيل: بنت عبد الله. قال ابن عبد البر: هذه رواية البصريين، وأهل المدينة يقولون: إن المختلفة حبيبة بنت سهيل. قال شيخنا: يجب القول بتعدد القضية لاشتهار الخبرين. قال: وقضية حبيبة متقدمة.