٥٧٧١ - أحاديث هذه الأبواب تقدمت مرارًا، وأشرنا إلى أن هامة اسم طائر، قيل: هو البومة، وقيل: غيرها، وقيل: كان أهل الجاهلية يزعمون أن عظام الميت وقيل: روحه تصير طيرًا، وقيل: كانوا يزعمون أن القتيل إذا لم يؤخذ بثأره خرجت من رأسه دودة تدور حول قبره تقول: اسقوني، فإذا أدرك ثأره ذهبت وإلا بقيت، وقيل: تدور سبعة أيام ثم تذهب، والعدوى: اسم من الإعداء، كانوا يزعمون الداء يعدي بطبعه إلى الآخر إذا خالط، وصفر: حية في بطن الإنسان إذا جاع تؤذيه، أو هو تقديم صفر على محرم كما ذكرنا في النسيء (لا يُورِدَنَّ ممرض على مصح) الممرض -بضم الميم الأول وسكون الثاني- من كان إبله مرضى، قال ابن الأثير: الإيراد الإتيان بالإبل على الماء، ولم يكن هذا المنع لأجل الإعداء لأنه أبطله صريحًا، وإنما منعه لأنه ربما وقع ذلك بإجراء عادة الله فيقع صاحبها في الفتنة، ألا ترى إلى قوله:(من أعدى الأول؟) دفعًا لتلك الوسوسة (وأنكر أبو هريرة الحديث الأول) وهو حديث: (لا عدوى) لأنه خالف ما رواه من حديث الممرض (قلنا: ألم تحدث أنه لا عدوى؟ فرطن بالحبشية) قال ابن الأثير: الرطان -بفتح الراء وكسرها- كلام لا يفهمه جمهور الناس، والعرب تخصه غالبًا بكلام العجم (فما رأيته نسي حديثًا غيره).
فإن قلت: قد تقدم من كلام أبي هريرة أنه لم ينس شيئًا بعد ما بسط رداءه، وغرف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: المراد شيئًا ما لا يتذكره، وهنا قد تذكره ولذلك فطن، وذهب بعضهم إلى أن حديث:"لا عدوى" ناسخ لحديث: "لا يوردن ممرض" ولا يصح هذا إذ يتوقف على العلم بسبق التاريخ ولا سبيل إليه، وأيضًا إنما يصار إلى النسخ إذا لم يمكن الجمع، وقد أشرنا إلى وجه الجمع.