الدرداء) والحديث سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدَّلالة قوله في ابن مسعود:(أليس فيكم صاحب الوسادة والسواك) فدلّ على أن اتخاذ السواك والوسادة ليس فيه شيء ولا يعدُّ من الإسراف والتنعُّم (أليس فيكم صاحب السرِّ الذي لا يعلمه غيره) يعني: حذيفة، كان مخصوصًا بين الأصحاب بذلك.
فإن قلت: كيف خصَّه بذلك مع عدم رسالته؟ قلت: رسالته إنّما كانت عامة في الأحكام العامة وإنّما الأسرار التي لا يعتد فيها كمعرفة المنافقين وأحوال الفتن لا يجب إبلاغها ولا يلزم إفشاؤها. وكان حذيفة عارفًا بالمنافقين، وكان عمر إنَّما يشهد جنازة يشهدها حذيفة.
(أليس فيكم الذي أجاره الله على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشيطان -يعني: عمارًا-) قد سلف أن كيفية إجارة عمار من الشيطان لم تُعلم إلَّا ما رواه الطبراني أنه صارع الشيطان فصرعه، وفي سنده مقال كيف كان يقرأ عبد الله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[الليل: ١] قال: {وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}[الليل: ٣]) قال بعض الشارحين: كانوا يناظرون أبا الدرداء على القراءة المتواترة ويشكِّكون في القراءة الشاذة. قلت: الشاذما نقل آحادًا وأبو الدرداء قد سمع القراءة ... من فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأين هو من الشاذ؟ بل هو عنده فوق المتواترة ألا ترى أنَّ أبيًّا أيضًا كان كذلك حتى قال عمر: أقرؤونا أبيٌّ وإنّا لندع من لحن أبيٍّ كثيرًا.