الدلالة قوله:(فمن وجد منكم بماله شيئًا فليبعه) قال الخطابي: هذا بيع المضطر لا المكره؛ لأن المكره من يلزم بشيء شاء أو أبى وهؤلاء خيروا فأجاب بعضهم بأنه لم يقتصر على المكره، بل قال: وغيره أيضًا، وليس بشيء فإن غرض البخاري أن ليس في الباب إلا حديث المضطر على أن كلام هذا المجيب متناقض فإنه قال فيما بعد المراد بغير ما عدا الذين ما يكون أداؤه لازمًا من الضمانات، وذا صريح في أنه لم يرد بغيره المكره، وقال بعضهم: المراد بالحق في الترجمة الجلاء، وبغيره أو بالعكس، وهذا أيضًا فاسد فإن غرض البخاري صحة بيع المكره في كل حق، وقصة الجلاء كما وقع الخطابي ليس فيها شيء من الإكراه بل من أمثلة المضطر.
فإن قلت: فأين موضع الدلالة على جواز بيع المكره في الحق ونحوه؟ قلت: اكتفى بحديث المضطر لاشتراكهما في عدم الإرادة، وأشار إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع على معاذ ماله حين أفلس، ولم يكن الحديث على شرطه.
ثم روى عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (جاء بيت المدراس) -بكسر الميم- في مدرس التوراة، صيغة مبالغة من الدرس، أو اسم مكان من إضافة الموصوف إلى الصفة، قال ابن الأثير: وبناء المفعال للمكان نادر (أسلموا) -بفتح الهمزة- من الإسلام (تسلموا) -بفتح التاء- من السلامة.
فإن قلت: أبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر، وقصة بني النضير وقريظة وهي وبني قينقاع كانت قبل خيبر، فمن هؤلاء اليهود بالمدينة؟ قلت: أجيب بأن هؤلاء بقية من النضير أو قريظة ممن لم ينقض عهده.
(اعلموا أن الأرض لله ورسوله) ذكر الله في أمثاله للتشريف (فمن وجد بماله شيئًا) الباء فيه بمعنى في، أي: من علم في ماله شيئًا من النفع أو الثمن (فليبعه) والمراد من المال هو العقار، كذا كان عرفهم، كما دل عليه حديث أبي هريرة "إن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم".