للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكَانَ يَأْتِى حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهْوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ». حَتَّى بَلَغَ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ «يَا خَدِيجَةُ مَا لِى». وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَقَالَتْ لَهُ كَلَاّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ

ــ

[الفلق: ١] (فكان يأتي حراء) بكسر الحاء والمد والقصر تصرف ولا تصرف، قيل كان مجيئه إلى حراء لأن المعتكف بها يشاهد الكعبة، وكان قبله يعتكف بها عبد المطلب في رمضان (فيتحنث) أي: يتجنب الحنث، وهو الإثم، فسره بالتعبد لأنه من لوازمه (الليالي ذوات العدد) أي ليالي كثيرة أو قليلة، ويؤيد الأول وصفه بذوات العدد، أي: أيامًا لها قدر، والتردد والاشتياق إلى أهله وهو ظرف للحنث، وما في. . . . تفسير له (حتى فجئه الحق) بفتح [الفاء] وكسر الجيم، يقال فجئ، وفجأ والمصدر منه فجأة بضم الفاء، أي: جاء بغتة، وكذا فاجأه (فغطني حتى بلغ مني الجهد) الغطّ: العصر الشديد، ويجوز في الجهد الرفع أي: بلغ المشقة مني غايته، والنصب، أي: بلغ الملك من المشقة، أو طاقتي، أو وسعي فسقط ما قيل: إن البشر لا تقوى على قوة الملك فلا وجه للنصب، على أنه لو حمل على طاقة الملك فلا وجه لذلك القول؛ لأنه لم يكن في صورة الملك، وسلف منا أن الحكمة في ذلك الغط الشديد ابتلاؤه في الأمانة والديانة، هل يخترع من عند نفسه قراءة كما يفعل واحد منا إذا وقع في بلية (بوادره) بالباء جمع بادرة، لحم بين المنكب والعنق، قال الجوهري: جمع لا مفرد له (زملوني) أي دثروني، يقال زملته، أي: لففته (لا يخزيك الله)

<<  <  ج: ص:  >  >>