أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا». فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. أطرافه ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤١، ٣٤٢، ٣٤٣، ٣٤٥، ٣٤٦، ٣٤٧
ــ
(أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت) الاستفهام فيه على أصله, لأن عمر كان قد نسي القضية ولم يقع هنا جواب عمر. ورواه مسلم: لا تصلي. وزاد غيره:"حتَّى تجد الماء". وحديث الباب والأحاديث المذكورة بعده تدل على أن عمر بن الخَطَّاب ما كان يرى للجنب التيمم، وكذلك لم يصل حين أجنب مع عمار (وأما أنا فتمعكْتُ) أي: تمرغت كما تتمرغ الدابة في التُّراب (إنما كان يكفيك هكذا فضرب النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مَسَحَ بهما وجهه وكفيه) إنما نفخ فيهما ليقل التُّراب لئلا يشوه الوجه. فلا دلالة فيه لمن يقول: بجواز التيمم بغير التُّراب.
أخذ بظاهر الحديث ابنُ راهويه والإمام أَحْمد قالا بمسح اليدين إلى الكوعين وسائر الأئمة أخذوا بحديث ابن عمر، وإن كان فيه مقال، ولأنه يدل على الوضوء، فبيان الغاية في الأصل بيان له، وأجابوا له عن هذا الحديث بأن الاقتصار على الكعبين، كان بيان الاكتفاء بالضربتين، ولا حاجة إلى التمعك كما فعله عمار.
هذا وقد رَوَى أبو داود بسنده إلى عمر أنَّهم كانوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد حضرتْ صلاة الفجر فمسحوا أيديهم إلى المناكب، وهو يؤيده ما ذكرنا من أن الاقتصار على الكعبين كان تعليمًا والحديثُ دل على جواز الاجتهاد في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا مما لا خلاف فيه، دل عليه صريحًا حديث معاذة، وكذا بحضرته على الأصح كما سيأتي في باب كتاب الأحكام في قضية سلب أبي قتادة.