٧٣٦٢ - ٧٣٦٣ - روى في الباب حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) لأنهم ينقلون عن كتاب محرف، وعن ناس يفترون على الله الكذب. {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ}[البقرة: ١٣٦] فإن كان مما أنزل فقد آمنوا به، ولا طريق أسلم منه، وحديث (ابن عباس قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء)؟ استفهام إنكار ولذلك أردفه بقوله:(وكتابكم الذي أنزل على رسوله أحدث) أي: أقرب زمانًا، ولذلك قال:(تقرؤونه كضًا) بالغين المعجمة وضاد كذلك أي طريًّا، كلام على طريق المثل (لم يُشب) على بناء المجهول، أي: لم يخلط بغير كلامه قاله تعريضًا بالتوراة والإنجيل، وهذا على طريق الفرض أي: لو لم يكن معجزًا لكان أولى بالاقتداء به لأنه أقرب نزولًا لم يقع فيه شوب، فكيف وهو معجز لا يمكن تغيير كلمة فيه، والحكمة أنه آخر الرسل لو لم يكن معجزًا لوقع خلل في شريعته من أعداء دينه.
فإن قلت: فكيف أمر الله رسوله بقوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}[يونس:٩٤]؟ قلت: الغرض من ذلك ليس لأن يستفيد منهم شيئًا بل لأنهم مع عداوتهم قائلون بأنه لا بد من نبي آخر مذكور في كتابهم إلا أنهم حرفوا نعته قالوا لأشياعهم: إنه ليس ذلك المنتظر، وفي مثل هذا تقوية لجأش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا ترى في بدء النبوة لما كذبه قومه وانقطع الوحي كم قصد أن يقتل نفسه بإلقائه من شاهق، فإذا قيل له مثل هذا يستغرق في السرور ويزداد طمأنينة.