مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ. طرفاه ٥٤٢، ١٢٠٨
ــ
مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود) استدل به مالك والكوفيون وأحمد على جواز السجود على ما يلبس المصلي، وقال الشافعي: لا يجوز إلا إذا كان بحيث لا يتحرك بحركة المصلي.
قال بعض الشارحين في دفع الإشكال الوارد على الشافعي من حديث أنس: الفرق بين المتحرك وغيره أن المتحرك كالجزء من المصلي، والأصل في السجود أن لا يجوز إلا على الأرض لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ:"ترب وجهك"(٢)، وجاز في غير المحمول لدليل، وبقي غيره على أصله من عدم الجواز، ثم إن الذي في حديث أنس كان للضرورة، والضرورات تبيح المحضورات.
كل هذا تخيلات لا وجه له. أما قوله: ترب فهو بيان للأولى عند الإمكان فلا دلالة على عدم الجواز في غيره بوجه، وأما قوله: المتحرك كالجزء فهو قياس مع الفارق؛ إذ لا يقول عاقل: إن طرف الثوب مثل اليد أو الرجل، ولئن سلم فهو قياس في مقابلة النص، فإن حديث أنس هذا صريح في الوقوع فضلًا عن الجواز.
وأما قوله: كان ذلك للضرورة فهو عليه لا له، فإن الشافعي لم يجوز في شدة الحر أو البرد ذلك، بل الصواب في الجواب للشافعي الحديث:"شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء فلم يشكنا".
قال ابن الأثير: كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت الجبهة في السجود، فنهوا عنه قال الشافعي: هذا النهي متأخر عن ذلك الفعل، على أن حديث أنس ليس فيه دلالة على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك وقررهم عليه، فلا يحتاج إلى دعوى النسخ إلا إذا ثبت أنه علم