للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ. فَقَالَ أَنَسٌ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَاّ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

ــ

الله) لا زائدة لتوكيد القسم كما في {لا أُقْسِمُ} [لقيامة: ١] وضمن الطلب معنى التوسل فعدي بإلى، وليس في هذا الحديث أنه اشتراه، إلا أن أهل السير ذكروا أنه اشتراه، واختلفت أقوالهم في كيفية الشراء، فقيل: اشتراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر أبا بكر بإعطاء ثمنه. عشرة دنانير، وقيل: اشتراه أبو أيوب، وقيل: اشتراه معاذ بن عفراء. وكان الحائط لسهل وسهيل ابني رافع بن عمرو النجاري، وكانا في حجر أسعد بن زرارة.

فإن قلت: إذا كان الحائط ليتيمين فما وجه قول بني النجار: لا نطلب ثمنه إلا [إلى] الله؟ قلت: معناه أنهم يشترونه بمالهم ويجعلونه لله، أو أن لفظ اليتيم باعتبار ما كان، وذلك أن ابن عبد البر ذكر أن سهلًا من أصحاب بدر.

(قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم، فيه قبور المشركين، وفيه خرب وفيه نخل) قوله: فيه قبور المشركين وما عطف عليه بدل من قوله: فيه ما أقول لكم والخَرِب -بفتح المعجمة وكسر الراء- جمع خَرْبة بفتح الخاء وسكون الراء كنبق في نبقة، وقيل: بكسر الخاء، وفتح الراء جمع خِرْبة بكسر الخاء وسكون الراء كنعم في نعمة، وقيل: بضم الخاء وفتح الراء- جمع خُرْبة بضم الخاء وسكون الراء كعلب في علبة. قال ابن الأثير: ويروى بالحاء المهملة والثاء المثلثة أي: مكان الزرع.

(وجعلوا عضادتيه الحجارة) -بكسر العين وضاد معجمة- جانب الباب، مأخوذ من العضد؛ لأن قوام الأبواب به (وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون) الارتجاز قول الرجز، وهو بحر من الشعر، سُمي به لأنه أخف من سائر البحور، حتى ذهب بعضهم إلى أنه ليس بشعر (والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم) أي: ينقل الحجر (وهو يقول:

اللهم لا خير إلا خير الآخرة)

لأن ما عداه فانٍ، وكل فانٍ كالعدم، واستشكل بعضهم هذا القول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه تعالى قال في شأنه: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي} [يس: ٦٩] فأجاب بعضهم بأنه رجز، والرجز ليس بشعر، وقال آخرون: لم يقرأه موزونًا وكان يتلفظ بالتاء في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>