وكان عثمان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فتح مكة، فلما فتح الباب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إليه وإلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة مفتاح البيت وقال:"خذوها بني طلحة خالدةً تالدةً لا ينتزعها منكم إلّا ظالم".
(فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلال وأسامة وعثمان) قال ابن بطال: إنما أدخل هؤلاء دون غيرهم لأمور اقتضت ذلك، أما عثمان فلئلا يظن الناس أنه معزول عن سدانة البيت، وأمّا بلال فلأنه مؤذنه وخادمه، وأمَّا أسامة فلأنه كان يتولى خدمة ما يحتاج إليه. وهذا الذي قاله وهم منه؛ بل لم يكن معه غير هؤلاء، لما يأتي في غزوة الفتح أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل من أعلى مكة مردفًا أسامة ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ في المسجد. وساق باقي الحديث. إذ لو كان معه غيرهم لم يكن لذكر هؤلاء معنى، بل كان يخصّهم من بينهم بالدخول، على أنه لو كان تخصيص أسامة؛ لأنه يتولى خدمته، كان ابن مسعود أولى بذلك؛ فإنه صاحب الطهور والنعلين، وصاحب الوسادة والسواد. وقال شارح آخر: أقول زيادة على قول ابن بطال: ولئلا يقع الازدحام. وهذا الذي قاله ليس فيه ما يدل على وجه خصوصية هؤلاء، بل ذلك يصلح علة غلق الباب.
(ثم أُغلق الباب) على بناء المجهول، هو الرواية، وإنما أغلق لئلا يزدحم الخلق فيقع له التشويش في الصلاة والدعاء، لما سيأتي أنه صلى فيه ودعا في نواحيه. قال ابن بطال: إنما أغلق الباب لئلا يظن الناس أن الصلاة في البيت سنة. ولا يخفى بُعْدَ هذا الكلام عن الحق؛ فإن الذين معه رووا أنّه صلى فيه وصار بذلك سنة، وقال به العلماء لكل من دخل البيت، إلا ما ذهب إليه مالك من عدم جواز الفرض فيه.