فإن قلت: يمرون: صيغة جمع الذكر العاقل، والمذكور قبله المرأة والحمار؟ قلت: نُقل عن ابن مالك في توجيهه: أن راكب الحمار حذف لدلالة الحمار عليه، ثم غلب الراكب على المرأة؛ هذا وأنت خبير أن مرور الحمار لا يستلزم أن يكون مع الراكب؛ بل حديث عائشة صريح في أن المراد الحمار لما قالوا: المرأة والحمار تقطع الصلاة: بئس ما عدلتمونا بالحمار، وهب أنه ارتكب هذا؛ فما وجه ضمير الجمع، والمذكور شيئان؟
والصواب: أن ضمير الجمع على لغة من يقول: أقل الجمع اثنان، وعليه طائفة من أهل اللغة والعربية، وأمّا الواو مع النون مثلهما في أرضون وسنون؛ أعني من قبيل الشاذ المستعملة في كلام العرب، أو هذا من تصرّف الرّاوي، فحذف لفظ الناس، كما تقدم الناس والدّواب يمرون، ففيه تغليب الناس.
٥٠٠ - (محمد بن حاتم بن بزيع) بفتح الباء وكسر الزاي المعجمة.
(ومعنا عكازة أو عنزة أو عصا) العكازة -بضم العين وتشديد الكاف- قال الجوهري: عصا فيه زج. والعنزة: قد ذكرنا مرارًا أنها أطول من العصا وأقصر من الرمح (ومعنا إداوة) -بكسر الهمزة-: قال ابن الأثير: إناء صغير يتخذ من الجلد.
فإن قلت: الإدواة وَجْه حمله إلى موضع الحاجة ظاهر؛ فما وجه حمل العكازة ونحوها؟ قلت: كان بين المنافقين واليهود، وهو نوع سلاح، وأيضًا ربما كان المكان الصّلب، لا يؤمن منه الرشاش فيدمث به المكان، وقيل لأنه إذا توضأ يصلي فيكون سترة، ولا وجه له لأنه لا يمكن بقرب موضع الحاجة وكونه يصلي بعد الوضوء دائمًا لا يستلزم أن يكون هناك.