قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ «بِهَذَا أُمِرْتُ». فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ أَوَإِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقْتَ الصَّلَاةِ. قَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِى مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. طرفاه ٣٢٢١، ٤٠٠٧
ــ
قد علمت أن جبريل نزل فصلى، [فصلى] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كذا وقع هنا أليس؛ والظاهر أليست، وقد رواه في غزوة بدر لقد علمت، وليس معنى قوله "صلى جبريل" لما فرغ من الصلاة شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بل اقتدى به في الصلاة، لما روى أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"أمني جبريل عند البيت مرتين". ولفظ ثم في صلاة جبريل للتراخي الزماني؛ لأنه صلى الصلوات الخمس واحدة بعد واحدة (ثم قال: بهذا أمرت) -بتاء الخطاب- لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبرائيل، ويروى بضم التاء على أن جبريل أُمر بذلك، وكلاهما وجه حسن. قال ابن إسحاق: أول يوم أصبح فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ليلة الإسراء نزل جبريل ليعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأوقات، أول صلاة صلاها صلاة الظهر (فقال عمر لعروة: اعلم ما تحدث به، أو أن جبريل أقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلاة) قوله: "اعلم": حمل له على التثبت فإن هذه المسألة مما عمّت بها البلوى، وقد خفيت على عمر مع كثرة علمه وجلالة قدره، وكونه بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما رأى ذلك عروة أسند الحديث بقوله:(كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه) بفتح الباء الموحدة وكسر الشين.
فإن قلت: كيف وُجِّه اعتراض عمر على عروة مع ما تقدم من رواية ابن عباس: أن جبريل صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّتين؟ قلت: أجاب النووي بأنه كان أخر العصر، عن الوقت الثاني، وهو مصير ظل كل شيء مثليه. وفيه نظر، بل اعتراضه إنما كان لتأخيره عن أول الوقت، ألا ترى أنه بعد ما روى عن أبي مسعود كيف أردفه بحديث عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر، والشمس في حجرتها قبل أن تظهر وذلك هو أول وقت العصر،