العرض لا يكون تعينه إلَّا بتعين المحلّ. والصّواب: أن الكاف للتشبيه، والمراد من الفتنة: الابتلاء.
وفهم حذيفة أنه يسأل عن الابتلاء بالذنوب (فقال: فتنة الرّجل في ماله وولده وجاره، تكفرها الصلاة) أي: ما يحصل للإنسان من الإثم مما يتعلق بهؤلاء المذكورات من المال والولد والجار ستدفع وتذهب أثره بهذه العبادات من الصَّلاة والصوم والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمعنى: أن كل واحدة من هذه يصلح أن تكون مكفرة، ولا يشترط الاجتماع في واحد؛ وما يقال إن فيه لفًّا ونشرًا، مثلًا: الصلاة مكفرة لفتنة الأهل، والصوم للفتنة في المال، وكذا المذكور بعده شيءٌ لا دليل عليه، وينافيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن" من غير تخصيص بذنب بإجماع السلف والخلف.
(فقال: ليس هذا أريد؛ ولكن أريد الفتنة التي تموج كما يموج البحر) كان عالمًا بأنه ستكون الفتنة؛ لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الله جعل بأس أمته بينهم، أراد أن يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر لذلك علامة أو لا. وأراد بموج البحر عظم الفتنة وشدتها على طريق الاستعارة أو تشبيهه المعقول بالمحسوس (يا أمير المؤمنين! إن بينك وبينها بابًا مغلقًا. قال: أيكسر أم يفتح؟ [قال: يكسر]، قال: إذًا لا يغلق أبدًا) محصلة أنه كلمه رمزًا، وفهم عمر رمزه، أنَّ الباب عمر؛ فإن وجوده مانعٌ من الفساد في الأمة، والناس في أيامه آمنين كالباب المغلق الذي لا يمكن مع كونه مغلقًا أن يدخل الدار أحدٌ؛ فمن أراد الدخول لا بدّ من أحد الأمرين: إما الكسر؛ وإما الفتح، فاستعار كسر الباب لقتل عمر؛ والوجه ظاهر؛ فلذلك