٨٤٠ - قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِى سَالِمٍ قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى لِقَوْمِى بَنِى سَالِمٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِى وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِى، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِى مَكَانًا، حَتَّى أَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا فَقَالَ «أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّىَ فِيهِ، فَقَامَ فَصَفَفْنَا
ــ
٨٤٠ - (عتبان [بن] مالك الأنصاري ثم أحد بني سالم) عتبان -بكسر العين- وقد سلف حديثه مرارًا، لكن نشير إلى بعض المواضع والغرض من إيراده الحديث هنا.
قال بعض الشارحين: قوله: ثم أحد بني سالم. عطف على عتبان، والمعنى، أن محمود بن الربيع كما سمع الحديث من عتبان سمعه من رجل آخر من بني سالم. وهذا غلط، فإن أحد بني سالم هو عتبان، وهذا طريقهم في النسبة، يأتون بلفظ ثَّم ترقيًا؛ كما سيأتي في البخاري في نسبة صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني، وفيه أيضًا: ثم أحد بني نبهان؛ وكيف يصح على ما قال قوله:(قال: كنت أصلي لقومي) فإن ضمير قال لأحد بني سالم فيكون هو الذي صلى لقومه، والحديث: إنما هو في إمامة عتبان كما تقدم مرارًا.
قال شيخنا ابن حجر: هذا الذي من له أدنى ممارسة يجب أن يقطع به.
(فغدا عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بتشديد الياء (بعدما اشتدَّ النهار) كناية عن ارتفاعه (فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشار إليه من المكان الذي أحب) هذا كلام محمود بن الربيع، حكى كلام [عتبان بن] مالك بعبارة نفسه.
"وقد تقدم [قول عتبان بن] مالك فأشرت، وقال الشارح المذكور: فأشار، أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المكان المحبوب لي. وهذا غلط فاحش؛ فإن "أحب" على بناء الفاعل في الروايات كلها، وفاعله أشار، فأشار هو جواب قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين تحب أن أصلي" فأشار عتبان إلى المكان الذي كان يصلي فيه، وحمله شيخنا على اللالتفات، والضمير
لعتبان، وفيه أنه خلاف الظاهر؛ لأن سياق الحديث لمحمود بن الربيع، وإنما ارتكب الشَّيخ