كما فعله في نظيره في مواضع. فلا دليل فيه للخوارج على أن صاحب الكبيرة كافر.
٤٩ - (قتيبة بن سعيد) بضم القاف على وزن المصغر، وكذا (حُمَيد) وهو ابن تير بفتح المثناة فوق وسكون التحتانية وسكون الراء وقيل تيرويه وقيل: داود. وكلها ألفاظ عجمية. ويُلَقب بحُميد الطَّويل. قيل: كان قصير القامة، والطُول كان في يديه، وعن الأصمعي: إنَّما قيل له: الطَّويل؛ لأنَّه كان في جيرانه حميد القصير، فأرادوا التمييز بذلك، ولم يكن فيه طول (تلاحى فلان وفلان) التلاحي هو التنازع من لحيت الرجل إذا عَذَلْتَهُ ولُمتَهُ. قيل: المتلاحيان اللذان كنّى عنهما بفلان وفلان هما كعب بن مالك، وابن أبي حدرد فإن كعبًا تقاضاه دينًا له عليه كما سيأتي صريحًا (فرفعت وعسى أن يكون خيرًا لكم) الضمير في رفعت لليلة القدر والمراد: رفع العلم بوقتها المعين، لا رفع الليلة، وإلَّا لم يأمر بطلبها.
فإن قلتَ: مساق الكلام اقتضى كون التلاحي مذمومًا، وآخرُ الكلام يدل على كونه محمودًا فإنَّه قال: عسى أن يكون رفع العلم بها خيرًا؟ قلتُ: جهة الخيرية مختلفة ولو كانت معلومة لنالها كل أحد. وأمَّا إذا جُهلت فالخيرية في كثرة الاجتهاد في طلبها ولا يقدر على ذلك الأفراد من النَّاس.
فإن قلت: ما وجهُ إيراد هذا في هذا الباب؟ قلتُ: أجاب شيخ الإسلام بأن ذلك التلاحي كان بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفع الصوت بحضرته محبط للعمل بنص القرآن، واستحسنه بأنه وجهٌ حَسَن قَل من تَنَبَّهَ له، وهذا كلام حسنٌ، إلَّا أن ذلك مُقَيَّدٌ برفع الصوت فوق صوته. وقوله في الحديث:"فتلاحى فلان وفلان فرفعت" يدل على أن منشأ ذلك نفسُ التلاحي من غير إشارة إلى شيء آخر. فالصوابُ في الجواب أنَّه أورده دليلًا على الشق الثَّاني من الترجمة وهو الحَذَرُ من العصيان؛ لأنَّ الرجلين لم يقصدا بالتلاحي المعصية، فعلى المؤمن الحذر في الأفعال التي ظاهرُها الإبانة أن لا تؤديه إلى المعصية.