وتشديد المثناة هو يَحْيَى بن سعيد (عن أبي زُرْعة) -بضم المعجمة أولًا- هو هرم بن عمرو كان النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بارزًا يومًا للناس) أي: ظاهرًا في موضع لا يحتاج أحدٌ إلى الإذن في الدخول عليه (قال: ما الإيمان)؟ سؤال عن حقيقته، فإن "ما" يسأل به عن حقيقة الشيء (قال: الإيمانُ أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله، وتؤمن بالبعث) الإيمانُ بالله؛ التصديق بوجوده متصفًا بكلِّ ما يليق به من نعوت الجلال والكمال تعالى وتقدّس. والإيمان بالملائكة: التصديقُ بأنهم عباد مُكَرَّمون، لا يعصون اللهَ ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وبلقائه أي: برؤيته؛ لأنَّ المؤمنين يرونه حقًّا، أو بالجزاء؛ فإنَّه شائع فيه. ذَكَرَهُ علماءُ التفسير. ورسله بأنهم مرسَلون من عند الله لإرشاد عباده. وتؤمن بالبعث أي: بحشر الأجساد وإعادة الأرواح إليها.
فإن قلتَ: هذا تعريف الإيمان بالإيمان وهو تعريف الشيء بنفسه. قلتُ: اعتبر في المحدود الأشياء المذكورة إجمالًا، وفي الحدّ مفصلة فلا محذور. وقيل: الإيمان في المعرّف أُريدَ به معناه اللغوي، وفي المحدود الإيمان الشرعي. وهذا ليس بشيء، أما أولًا فلأن اللغوي لا يكون معرفًا للمعنى الشرعي، ولا لشيء من الاصطلاحي، أشار إلى هذا ابن الحاجب في تعريف اسم الإشارة. وأمَّا ثانيًا: فلأن الإيمان لم ينقل عن معناه اللغوي صرّح به المحققون في شروح "الكشاف".
(قال: ما الإسلام؟) أي: شرائعه؛ فالإسلام هو الإيمانُ فإن ما جعله جواب جبريل هنا جعله جواب وفد عبد القيس في الإيمان (إن تعبد الله ولا تشرك به) أراد: الطاعاتِ بالجوارح؛ لأنَّ ما يتعلقُ بالاعتقاد تقدم في شرح الإيمان، أو الاعتقادَ، وإنما أعاده تصريحًا بنفي الشركة (قال: ما الإحسان)؛ الحُسْنُ وصفٌ زائدٌ على الشيء بعد تمامه. ولمّا علم حقيقة الإيمان أصلًا وفرعًا، مسألة عما به كمالُهُ (قال: أن تعبد اللهَ كأنك تراه) أي. حال كان حالتك في العبادة شبيهة بحالتك حين رؤيته وأنت شاهده، فإن العبد إذا أمره المولى بفعلٍ وشَرَعَ في ذلك وهو يشاهد مولاه، يَصرِفُ ما أمكنه إليه من القوى، ولا يخطر بباله غيرُهُ. ثم انتقل إلى ما هو أدْعى إلى ذلك بقوله:(فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك) حقيقة، وإذا كان المولى ناظرًا إلى العبد وهو يباشرُ الفعل المأمور به، يكون الباعث أقوى وأدعى إلى عدم الالتفات