فإن قلتَ: قوله: "فإنَّه يراك": لا يصلح أن يكون جوابَ الشرط لعدم الربط بينهما. قلتُ: تقديره: فإن لم تكن تراه، فلا تعتبر ذلك فإنَّه يراك. وعند بعض العارفين: أن جواب الشرط هو: تراه. والمعنى: إن لم تكن موجودًا وفنيت في الله تراه حينئذٍ وما دُمْتَ في حجاب النَّفس فأنت عن ذاك بمعزلِ. ثم عَلَّله بقوله: "فإنَّه يراك" ويعلم متى تَصْلُحُ لذلك.
(قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل).
فإن قلتَ: إذا قيل: ليس في البلد أعلمُ من زيدِ، لا ينفي المساواة في العلم. قلتُ: ذاك باعتبار اللغة، وأمَّا عُرْفًا فيدل على عدم المساواة، وهذا هو المرادُ من الحديث. أي: لا علم للمسؤول عنها كما لا علم للسائل. (وسأخبرُكَ عن أشراطها) الأشراط: جمع شَرَطَ -بفتح الراء- والشَرط: العلامة، ومنه الشرط الشرعي، فإنَّه علامة وقوع المشروط.
(إذا وَلَدَتِ الأمَةُ رَبَّهَا) ويُروى: "ربتهَا"، ولا بدّ من تقدير مضاف؛ لأنَّ الوقت نفسَه ليس علامة، بل الولادةُ المذكورة فيه، والربّ هو المالكُ والسيدُ، ولا يُطلق على غير الله إلَّا مضافًا، مثل: رب الدار ورب الفرس. قال الجوهري وغيرُهُ: فلا وجهَ لما يقال: هذا من قبيل التشديد، أو رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - مخصوص منه، على أني لا أعرف ما معنى قوله: هذا من باب التشديد. قال الجوهري: وقد قالوا من غير إضافة للملك في الجاهلية، قال الحارث بن حلزة:
وهو الربّ والشهيد علينا
فإن قلتَ: ما معنى ولادة الأَمَة ربّها؟ قلتُ: لأنَّه يصير سببًا لإعتاقها وذاك شأن السيد، ولأن وَلَدَ السيد سيدٌ عند وفاته.
فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك من أشراط الساعة؟ قلتُ: لأنَّ كثرة السبي تكون عند شوكة الإسلام، وإذا تمّ الأمرُ دَنَا نقصُهُ، ولذلك لما نزل قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}