هنا أنه رأى عمرو بن لحي بضم اللام- على وزن المصغر في النار؛ لأنه أوّل من سيَّب السوائب.
فإن قلت: ما السوائب؟ قلت: كانت أهل الجاهلية يسيِّبون الدواب لا تركب، ولا يحمل عليها نذرًا لآلهتهم، وكان أول من وضع هذه البدعة عمرو بن لحي الخزاعي.
فإن قلت: ترجمة الباب الانفلات، فأي مناسبة لهذا الحديث للترجمة؟ قلت: أجابوا بأن كل حديث في الباب لا يجب أن يكون دالًّا على الترجمة، ويكفي المناسبة في الجملة. وعندي هذا ليس بشيء، فإن الأحاديث الموردة في الباب أدلة على الترجمة؛ بل الجواب أن حديث السوائب دل من طريق مفهوم المخالفة، فإن تسييب السوائب لما كان أمرًا مذمومًا فالانفلات لا يكون مثله، فإنه ليس للإنسان فيه اختيار، فلو تفلتت الدابة وتوحشت بحيث لا يقدر عليها لا إثم في ذلك.
وقال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه تعلق الحديث بالترجمة؟ قلت: فيه مذمة تسييب الدواب مطلقًا؛ سواء كان في الصلاة أم لا.
هذا كلامه، وفساده من وجوه:
الأوّل: أن الترجمة هي الانفلات؛ وهو ذهاب من غير اختيار؛ والتسييب فعل اختياري.
الثاني: أن التسييب الذي في الحديث الذي ذمة الشارع، هو ما ذكرناه من فعل أهل الجاهلية لآلهتهم، فكيف يتصور أن يكون في الصلاة.
الثالث: أنه يلزم هذا القائل أن الإنسان إذا سيّب الدّابة لترعى إنه يكون آثمًا سواءٌ سيبها في الصلاة؛ أو خارج الصلاة، ولا يقول به عاقل.
ثم قال في توجيه قوله - صلى الله عليه وسلم - (أريد أَنْ آخذ قِطْفًا من الجنّة حين رأيتموني جعلت أتقدم، ولقد رأيت جهنّمَ يَحْطِمُ بعضُها ببعضٍ حين رأيتموني تأخرت) فإن قلت: لم قال في الجنة: