عمر بن الخطاب. فرأى أبو جمرة في المنام أن رجلًا أو ملكًا يقول له: حجٌ مبرور وعُمرة مُتَقَبَّلَةٌ. فقال لابن عباس، فقال: اللهُ أكبر! سنةُ أبي القاسم. وكان يكرمه لذلك.
(قال: إن وفد عبد القيس) الوافد من يرد على الملوك والعظماء لأمرٍ مهم في الدُّنيا أو الدين. والوفد اسم جمع له، كصحب في صاحب. وعبد القيس أبو قبيلة من أسد وهو عبد القيس بن أفصى -بالفاء والصاد المهملة- ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. قال الجوهري: والنسبة إلى عبد قيس: عَبْقَسي، وإن شئت: عَبْدي. وكان وفودُهم سنةَ تسعٍ بعد حجَّ أبي بكر، وكانوا يسكنون بأرض هجر، فقدم منهم منقذ بن حَيَّان إلى المدينة في تجارةٍ له، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآمَنَ به. فكتب معه كتابًا إلى قومه يدعوهم إلى الله، فآمنوا به وأرسلوا إليه أربعة عَشَر رجلًا، مقدمهم الأشج العصري وهو الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فيك خصلتان يحبهما الله: الحِلْم والأناة" وقيل: كانوا ثلاثة عشر. وقيل: أربعين. ووجهُ الجمع أن أربعة عشر كانوا الرؤساء والباقي تَبَعٌ. والأَنَاةُ على وزن القناة، اسمٌ من التأني وهو الرفق (مرحبًا بالقوم أو بالوفد) الشَّك من ابن عباس، وانتصاب مرحبًا على المفعولية؛ أي: أتيتُمْ مكانًا ذا سَعَةٍ كناية عن حُسن الحال وطِيب البال (عْيرَ خَزَايا ولا نَدَامى) جمع خِزْيان ونادم من الخِزْي وهو الذل والفضيحة، فإنهم جاؤوا من غير قتالٍ وسبي. ويجوزُ أن يكون دعاء لهم، وكان القياس: نادمين، إلَّا أنَّه جاء كذا على الإتباع، كما في العشايا والغدايا. وفى رواية مسلم:"غير خزايا ولا الندامى" ويروى: بتعريف الاسمين. ولا إشكالَ في انتصاب (غيرَ) على الحال، لأنها لا تتعرف بالإضافة إلَّا إذا كان الضدّ متعينًا نحو عليك بالحركة غير السكون (إنا لا نستطيع أن نأتيك إلَّا في الشهر الحرام) المراد به الجنس ليتناول الأربعة الحُرُم. وروي شهرُ الحُرُم، بإضافة الأول. وشهرٌ حرامٌ بتنوين الأول على أن الثَّاني وصفٌ له، وإنَّما سُمِّي ما بين الهلالين شهرًا لشهرته (وبيننا وبينك هذا الحيّ من كفار مضر)