ومات بعد مقدمه المدينة بستة أشهر، بدري وأول من دُفن بالبقيع من المهاجرين، وقَبّلَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ميت، وبكى عليه بكاءً شديدًا، فلما دفنه أخذ حجرًا فوضعه عند رأسه، وقال:"سَلَفُنَا أدفن إليه موتانا".
(والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي) لم يشك في أنَّه من الناجين وهو سيد النبيين - صلى الله عليه وسلم -؛ وإنما نفى العلم التفصيلي بأحواله، ويدل عليه قوله تعالى:{وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}[الأحقاف: ٩] وقيل: كان هذا قبل اطلاعه على أنَّه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما يقال إنه منسوخ بقوله:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِكَ}[الفتح: ٢] فليس بشيء؛ لأن النسخ لا يجري في مثله؛ لأنه رفع حكم شرعي ثبت بخطاب سابق، وما: موصولة، أو موصوفة، ولا معنى للاستفهام.
(عُفير) بضم العين مصغر (وقال نافع بن يزيد عن عقيل: ما يفعل به) أي: بعثمان، واستصوبه بعضهم لعدم ذلك الإشكال، أقول: فيه إشكال آخر، وهو: أن عثمان من أهل بدر، وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل بدر مغفور لهم، وعليه الإجماع، فالعمدة على ما شيدنا أركانه بتوفيق من الله.