١٢٥١ - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ إِلَاّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا). طرفه ٦٦٥٦
ــ
١٢٥١ - (لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلجَ النّارَ إلَّا تحِلّة القسم) يروى بالنصب والرفع، قال الطيبي: الفاء بمعنى الواو وذلك أن عدم الموت لا يصلح سببًا فالمعنى: لا يجتمع موت الأولاد ودخول النار، والأولى عندي أن الفاء للسببية والتعقيب، ولما امتنع السببية جردت عنها التعقيب خاصة، كما جردت الهمزة عن الاستفهام في {أَأنْذَرْتَهُمْ}[البقرة: ٦] للتساوي إبقاءً لمعنى الكلمة بقدر الإمكان، والرفع بالعطف، والمعنى عليه ظاهر، أي: لا يكون بعد الموت ولوج النار إلا تحلة القسم، قال الجوهري: التحلة صدر حللته تحليلًا، ومعناه في الحديث: إلا قدر ما يبر الله به قسمه بقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُّهَا}[مريم: ٧١]. هذا كلام الجوهري، وقال غيره: الكلام على التشبيه، وليس هناك قسم، بل قوله:{كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مْقْضِيًا}[مريم: ٧١] جارٍ مجرى القسم.
والحق أن قوله:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُّهَا} عطف على جواب القسم قبله، وهو قوله:{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ}[مريم: ٦٨]؛ فهو أيضًا قَسَم.
فإن قلت: الورود لا يستلزم المسّ، قال تعالى:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}[القصص: ٢٣] ومن المعلوم أنَّه لم يدخل الماء، فما معنى قوله:"لا تمسّه النار إلا تحلّة القسم" أو "فلا يلج النار إلا تحلّة القسم"؟ قلت: المسّ والولوج كلناية عن المرور عليها، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: ١٠١، ١٠٢] وإذا كان البعد بهذه الرتبة فمن وصول النار إليهم بمراحل، وهذا الَّذي ذكرناه لا يجوز غيره؛ لأن الخطاب في قوله:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُّهَا} عام لكافة البشر، وفيهم الأنبياء والرّسل.
فإن قلت: روى أحمد والحاكم والنسائي: "لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلَّا دخلها"؟ قلت: