"وقال الله تعالى: ({كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}[الإسراء: ٨٤]) الشاكلةُ لغةً: الخَاصِرَةُ. قال ابنُ الأثير: استُعير للطريقة والقصد (وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ولكن جهاد ونية) هذا بعضُ حديثٍ سيرويه مسندًا. وكذا قوله: "ونفقة الرجل". رواهما هنا تعليقًا تقوية لما استدل به وإثباتًا لما ترجم له بالطريقين.
٥٤ - (عبد الله بن مَسْلَمَة) بفتح الميم واللام (عن عُمر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الأعمالُ بالنية) أي: لا عَمَلَ إلَّا بالنية؛ لأنَّ هذه اللام للاستغراقِ، وقد سَبَقَ أن هذا حصر المسند إليه في المسند، وتقدّم أيضًا تحقيق الحديث بما لا مزيد عليه في صدر الكتاب.
فإن قلت: لم أعادَ الحديث وقد عُلم معناه في أول الكتاب؟ قلتُ: أعاده إشارةً إلى أن النيَّة من شعب الإيمان، وأنّ الإيمان الذي هو فعل القلب لا يعتد به بدون النيَّة، وفيه ردٌّ على الكرَّامية والمرجئة القائلين: بأن الإيمان هو القول وحده، مع اختلاف شيخه، وزيادة بعض الألفاظ.
وأعلم أن هذا الإطلاق مقيدٌ بإجتماع الشرائط، فلا يردُ أن الإنسان إذا نوى المنذر أو القضاء في رمضان لا يحصل له ما نوى، لأنَّ المحل غيرُ قابلٍ، وإزالة النجاسة إن قَصَدَ بها التقرب إلى الله يُثاب عليها، وإن أريد الإزالة لا غير فلا.
قال بعضُهم: فإن قلت: يَرِدُ عليه بعض الأفعال كاعتداد المرأة المتوفى عنها زوجُها وهي غير عالمة، فإن عِدَّتها تنقضي مع عدم قصدها؟ قلتُ: هذا ليس فعلًا ولا تركًا، بل هو عبارة عن انقضاء مدةٍ يُعلم منه براءة الرحم، هذا كلامه، وقد نبّهناك على أن هذا غلطٌ، فإن الكلامَ في العبادات لا غير، على أن قوله: هذا ليس بفعل مخالف لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤](ولكل امرئٍ ما نوى) هذا حصرُ المسند على المسند إليه عكس الأول (ومن كانت