صريحًا، وأما ما استنبته الناس، فلا بأس به أيَّ نوع كان (فإن أحدٌ تَرَخَّص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: مستدلًا على ذلك بوقوع القتال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وارتفاع "أحدٌ" على أنَّه فاعلُ فعلِ فَسَّره تَرَخَّص (فقولوا: إن الله أَذِنَ لرسوله) إشارةً إلى بطلان القياس بأنه معدول عن سنن القياس، لأنه من خواصّه.
(وإنما أذن لي ساعةً من نهار) نكره ليتناول كل يوم من الأسبوع على سبيل البدل وهو يوم دخوله مكة إن قاتله المشركون. والمراد بالساعة حصّة من ذلك النهار، وهو مقدار ما يحتاج إليه، لا الساعة العرفية وهي جزء من أربعة وعشرين جزءًا من يوم وليلة (ثم عادت حُرْمَتُها اليوم كحُرمتها بالأمس) أي: قبل الإذن بالقتال فيها أو بعد الإذن فيكون المراد من قوله: "ثم عادت حرمتها اليوم" استمرار الحرمة، قيل: يجوزُ أن يُراد باليوم ما بين طلوع الشمس إلى الغروب، واللام فيه للعهد إشارةً إلى يوم الفتح. وهذا فاسدٌ؛ لأن يوم الفتح كان مأذونًا له فيه القتال، وهذا القول إنما صَدَر عنه الغد من الفتح، كما صَرَّح به أبو شُرَيح، وإنما التبس عليه من لفظ الأمس فظنَّهُ أمس يوم الفتح، وليس كذلك، بل هو يوم الدخول، قبل الدخول أو بعده، إن لم يقاتله أحد.
(لا يُعيذُ عاصيًا ولا فارًا بخَربة) الضمير في لا يُعيذ لمكة. والخَرْبة بفتح الخاء وسكون الراء وكسرها وقد تضم الخاء مع سكون الراء. قال الجوهري ناقلًا عن الأصمعي: إنها سرقة الإبل خاصة، وقال ابن الأثير: لكن اتسع فيها. والمراد بها هنا مطلقًا: الجناية والبلية، فإن مكة لا تجيره. وفي رواية الترمذي: "بخزية" -بالزاي المعجمة- من الخزي، وهو الفضيحة والمعنى واحد. وعلى كل تقدير من عطف الخاصّ على العام.