والبحر الزَخَّار علمًا وجُودًا وشجاعةً، وهو أخو الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وزوج البتول، قل عن مناقبه ما تقول.
(قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تكذبوا عليَّ فإنه مَنْ كَذَبَ عليَّ فَلْيَلج النار) الضمير للشأن، ومعنى الكذب عليه قد كشفنا الغطاء عنه، وكان ظاهر الكلام: من كذب علي يَلجِ النار، وإنما أبرزه في صورة الأمر دلالةً على التحقيق، كأنه مأمور بذلك حتمًا واجبًا. قال النووي: ذَهَبَ جمعٌ من الأئمة منهم الإمام أحمد والحُميديُّ -شيخ البخاري- إلى أن من كَذَب عليه متعمدًا، سقطتْ روايتُهُ، ولم تُقبل توبتُهُ، ثم قال: ما قالوه مخالفٌ للقواعد الشرعية، والمختار قبولُ توبته إذا وُجدت شرائطها.
فإن قلتَ: أيُّ فرقٍ بين الكذب عليه وعلى غيره؟ قلتُ: الفرقُ ظاهر؛ فإن الكذب عليه شرعُ ما لم يشرعْهُ، وإضلالُ أمته إلى آخر الدهر، بخلاف الكذب على غيره. وأجاب بعضهم بأن الكذبَ عليه كبيرة، وعلى غيره صغيرة. والصغيرة مكفرة باجتناب الكبائر. وهذا غلطٌ، كيف لا وقد عَدّ قول الزور من أكبر الكبائر؟ وقد تقدَّم في كتاب الإيمان:"ولا تأتوا بِبُهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم"، وفي الجملة: الكذبُ عمدًا لا يتوقف أحدٌ في كونه كبيرةً، ولأي معنىً أكثَرَ الله ذِكرَهُ في كتابه؟
١٠٧ - (أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (جامع بن شَدَّاد) بفتح الشين وتشديد الدال (عن أبيه) أبي الزبير بن العوام ابن عَمَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَحَوارِيُّهُ، وابنه عبد الله أولُ مولود وُلد بالمدينة، وأولُ شيءٍ دَخَل بطنَه ريقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهو القائل:(قلتُ للزبير: إني لا أسمعُك تُحدِّثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما يُحدِّثُ فلانٌ وفلانٌ) كنايةً عن أعلام أشخاص يكثرون الروايةَ كأبي هريرة (قال: أَمَا إني لم أُفارقْهُ) -بفتح الهمزة وتخفيف الميم- حرف