للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [الحديث ١١٠ - أطرافه في: ٣٥٣٩، ٦١٨٨، ٦١٩٧، ٦٩٩٣].

ــ

فإن قلت: فعلى هذا لا يكون هذا نسخًا بل انتهاء للحكم بانتهاء دليله وعلته كسقوط سَهْم المؤلفة من الصدقات.

فإن قلتَ: إذا كان سبب ورود الحديث ما ذكرتَ من التفاته حين دُعي رجلٌ آخرُ بكُنيته، فكيف جَوَّز لهم التسمية، ومَنَع التكنية وهما سواء فيما ذكرتَ من العلة؟ قلتُ: إنما كانوا يخاطبونه بالكنية دون الاسم، وهكذا طريقةُ العرب إلى الآن، وقيل: هذا مخصوصٌ بمَنْ يكون اسمُهُ محمدًا أو أحمد، وقيل: هذا كان نهيَ تنزيهٍ، وهو باقٍ، قال القاضي: الأكثرون على الجواز مطلقًا. قلتُ: الظاهر ما ذَهَبَ إليه الشافعي لما روى مسلم: "لا تكنوا بكُنيتي، إنما أنا قاسم أقسِمُ بينكم".

فإن قلتَ: يقتضي هذا أن لا يُسَموا بالقاسم لا بأبي القاسم؟ قلتُ: هذا على طريقة قولهم: أبو الفضل، لكثير الفضل، وأبو الحرب لكثير الحروب. والحق أن المَنْعَ منه لاستدعائه في عرفهم أن يخاطب أبوه بأبي القاسم، وبه صَرَّح رواية في رجل من الأنصار، سَمَّى ابنَهُ قاسمًا غيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "سَم ابنك عبد الرحمن".

فإن قلت: فيم كان قاسمًا؟ قلتُ: في الأموال والمعارف.

فإن قلت: كان اسمُه أبا القاسم قبل البعثة بابنه القاسم؟ قلتُ: لا منافاة، كان ذلك سببًا لِما أراد الله به. وفي المثل: الألقابُ تنزلُ من السماء.

(ومن رآني في المنام فقد رآني) وفي رواية: "فقد رأى الحق". وفي رواية أخرى: "فسيراني" والمعنى: أن رؤيته ليست كرؤية سائر الأشياء تارة تكون أضغاث أحلام، وأخرى مؤولة بخلاف الظاهر. وفي رواية: "سيراني" بشارة لمن رآه بأنه يراه يوم القيامة. (فإن الشيطان لا يَتَمَثَّل في صورتي) يقال: تَمَثَّل بكذا أي: تَصَوَّر بصورته، وفي الحديث: "أشدُّ الناس عذابًا الممثلون" أي: المصورون. وفي الحديث أيضًا: "رأيتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>