للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِى عَيْنَاىَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ

ــ

يرحلون) بفتح الياء، أي: الذين يشدون الرَّحْلَ. وفي رواية أبي ذر بضم الياء وتشديد الحاء وكذا: فرحلوه رُوي بالوجهين.

(وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يَثْقُلْنَ ولم يغشهُنَّ اللحم) وفي كتاب المغازي: لم يهبلن اللحم. موضع لم يغشهن -بضم الياء وتشديد الباء- من هبله إذا أكثر عليه (وإنما يأكلن العُلْقة من الطعام) -بضم العين- ما يسدّ الرمقَ، أصله: شجرة تعلق بها البعير. يأكل منه ويكتفي به إلى أوان الربيع (فوجدت عقدي بعدما استمرَّ الجيش) أي: ذهب. استفعال من المرور (فأممت منزلي) -بتخفيف الميم- أي: قصدتُ (فظننتُ أنهم سيفقدونني) أي: سيعلمون فقدي. يُروى بتشديد النون بإدغام نون المضارعة في نون الوقاية وحذفها (وكان صفوان بن المعطّل) بضم الميم وفتح الطاء المشددة (السُّلَمي ثم الذكواني) بضم السين وفتح الدال، قال الجوهري: ذكوان أبو قبيلة من أسلم (فاستيقظتُ باسترجاعه) أي: بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون. عد وقوع تلك القضيَّة من المصائب. وما يقال: إنما استرجع لأنه علم أنه سيقال في ذلك كلام فليس بشيء (فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا مُعَرِّسين في نَحْرِ الظهيرة) التعريسُ نزول المسافر آخر الليل. والجارّ في قولها في نحر الظهيرة يتعلق بـ: أتينا. أي كانوا نزلوا في آخر الليل ونحن أتينا في كمال الحر فإن النحر على الصدر استعارة له، ولا دلالة فيه على أن التعريس يطلق على أي وقتٍ كان كما ظن.

(فهلك مَنْ هَلَكَ) أي من ظن بها السوء (وكان الذي تولَّى الإفك عبد الله بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>