للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ".

ــ

(إن اللهَ حَبَسَ عن مكة القَتْلَ أو الفيل، قال محمد: واجعلوه على الشك، كذا قال أبو نُعَيم) محمد هو البخاري صاحب الكتاب، فإن شيخه أبو نُعيم رواه على الشك وغيره يقول: الفيل. وهذا هو الظاهر لقوله يوم الحديبية لما بَرَكَتْ ناقتُهُ: "حَبَسَها حابسُ الفيل"، ولأن القتل غير محبوس عنه مطلقًا، فإن الشافعي قال بالقصاص فيه (وسلَّط عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُريدُ: نفسَه الكريمة. ووجهُ العدول أن لفظ الرسول يشير إلى أن ذلك التسليطَ إنما هو لكونه رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -.

(أَلَّا وإنها ساعتي هذه حرامٌ) أي: عادت حُرمتُها على ما كانت عليه (لا يُختَلَى شوكُها) أي: لا يقطع. وإنما ذكر الشوكَ ليُعلم حكمُ الغير من باب الأَوْلى، واستدل الشافعي بقوله: "لا يُختلى" على جواز رَعْي الدواب، وإلا لضاع القيد بالاختلاء، ولأن إجماع خير القرون على ذلك. وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالكٌ. ونُقل عن محمد: السنة جواز قطع الشوك بالمُدَى. ولم يوافقه على ذلك أحدٌ؛ لأنه مخالفٌ لمنطوق هذا الحديث، ولأن عدمَ قطعه كونه ناشئًا من أجزاء الحرم محرَّم إجلالًا له.

فإن قلتَ: فلِمَ أُبيح قتل الحيوان المؤذي فيه؟ قلتُ: لأن لفظَ القيد لا يتناوله. والحديث قيَّده به، ولأن الذئب ونحوه من السِّباع، قِيست على الفواسق التي وَرَدَ الأمرُ بقتلها في الحِلّ والحرم (٢). وأيضًا لم تكن تقيم بالحرم على الدوام كالنباتات، بل تخرج باختيارها وتدخل (ولا يُعضَد شجرُها، ولا يُلتقط ساقِطُها إلا لمنشدٍ) العضد -بالضاد المعجمة-: القطعُ. والساقطة هي اللقطةُ.

فإن قلت: حكم سائر البلاد أيضًا هذا وهو أن لا تُؤخذ إلا للإنشاد؟ قلتُ: الإنشاد دائمًا من خَواصّ مكة - شرفها الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>