نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بِهِ إِلَاّ عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّى أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ، فَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِى تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِىَ الأَمْرَ. قَالَ فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ. أطرافه ٣٧١٢، ٤٠٣٦، ٤٢٤١، ٦٧٢٦
ــ
وأمَّا هجرها مع أنه لا يجوز هجران المؤمن فوق ثلاث، فقد أجابوا بأنه لم يكن على ذلك الوجه، وهو أن يلتقيا فلا يسلم أحدهما على الآخر، والظاهر أن هذا كان على مقتضى البشرية من نوع دلالة، ألا ترى أن عليًّا لما صار أبو بكر خليفة ولم يشاوره كيف تغير خاطره وهاجره على ذلك؟
(وَفَدَك) -بفتحتين- يصرف ولا يصرف، قال الجوهري: قرية من أعمال خيبر، والصواب من أعمال المدينة على مرحلتين منها، وصدقته بالمدينة هي: أموال بني النضير، قال القاضي: الأموال التي صارت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع حوائط كانت [لمخيريق]، أو أوصى له يوم أُحد، وكانت في بني النضير، وما أعطاه الأنصار ما لا يبلغه الماء، ونصف فدك صالح عليه أهلها بعد فتح خيبر، وثلث أرض وادي القرى أخذه من اليهود حين صالح، والوطيح والسلالم من حصون خيبر، وخمس ما فتح غيره من بلاد خيبر، هذا كله كان له خاصة، يأخذ منه نفقة سنة لأزواجه، ويجعل الباقي في مصالح المسلمين (وأما فدك وخيبر فامسكهما عمر) أي: بعض فدك وبعض خيبر، كما فصَّلناه آنفًا (وقال هما صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتا لحقوقه التي تعروه) -بالعين المهملة- أي: تجب عليه وتلحقه (ونوائبه) جمع نائبه، وهي: ما يصيب الإنسان من الخير والشر.
قصة فدك -بفتح الفاء والدال- قرية بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، كان بها طائفة من اليهود، فلما فتح خيبر سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخلي سبيلهم ويتركوا له البلد، فأجابهم إلى ذلك.