للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَغْرِفُ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا». - قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِى هَذَا الْغُلَامُ، وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ، حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ - أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ - مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا. فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِى وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا، قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهْىَ تُحِبُّ الإِنْسَ» فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ

ــ

(لا تخافي الصنيعة) أي: الضياع (فإن هاهنا بيت الله) أي: موضع بنيته، لقوله: (يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله) أي: أهل هذا البيت، أو أهل إبراهيم (فكانت كذلك) أي: سارة (حتى مرت بهم رُفْقة) -بضم الراء- جمع رفيق (من جرهم) -بضم الهاء- قال الجوهري: حيٌّ من اليمن، قلت: هم أولاد جرهم بن قحطان، ذكره ابن هشام في السير (من طريق كداء) -بفتح الكاف والمد- أعلى مكة، وفي بعضها: كُدَى -بضم الكاف والقصر- وهو أسفل مكة (فرأوا طائرًا عائفًا) بالفاء أي: حاتمًا دائمًا.

(فأرسلوا جريًّا) -بالجيم- على وزن حييًّا- الذي يجري ويسرع (أو جريين) أتى بعد الأول آخران اهتمامًا بتحقيق الخبر، لقوله: (فإذا هم بالماء فرجعوا) فأو بمعنى الواو لا الشك كما قيل (فألقى ذلك أُمَّ إسماعيل) بالنصب، أي: نزولهم هناك صادف أمَّ إسماعيل محلًّا حسنًا، أو الرفع لوجود الفاصل، أي: وجدت ذلك حسنًا لوجود الأُنس بهم (وشبَّ الغلام) أي: صار شابًّا بعد كونه غلامًا (وتعلم العربية) هذا يدلُّ على بطلان قول من يقول: إن إسماعيل أوَّل من تكلم بالعربية (وأنفسهم) على وزن الماضي، أي: رغبتهم فيه كونهم رأوا فيه أثر النَّفَاسة ساطعًا، ومنه التنافسُ في الشيء، كيف لا وفي جبينه نور سيِّد المرسلين، وهو بضعة من قدوة الموحِّدِين، خليل ربِّ العالمين؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>