للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِى أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ إِذًا لَا يُضَيِّعُنَا. ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ (رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ) حَتَّى بَلَغَ (يَشْكُرُونَ). وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِىَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ، الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِىَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْىَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِىَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَذَلِكَ سَعْىُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا». - فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ صَهٍ. تُرِيدَ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ، إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ. فَإِذَا هِىَ بِالْمَلَكِ، عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا، وَهْوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا

ــ

(آلله أمرك بهذا؟) بالاستفهام (حتى إذا نفِد) -بفتح النون وكسر الفاء ودال مهملة- أي: لم يبق منه شيء (فعطشت) بكسر الطاء (وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى) -بتشديد اللام- أي: يتقلب من ألم العطش، أو يتلبط، هو بمعنى يتلوى، وقيل: هو الضرب باليد كالخيط بالرجل (رفعت طرف درعها) أي قميصها، ولا يطلق على قميص الرجل، وإنما رفعته ليمكن لها السعي.

(ثم سعت سعي الإنسان المجهود) أي: الذي أصابه الجهد، أي: المشقة، فإنه يبالغ في ذلك (فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه) بسكون الهاء، ويروى بالتنوين أي: اسكت (تريد نفسها) والظاهر أنها كانت تناجي نفسها كما ترى من الواقع في المشقة يحدث نفسه (ثم تسمعت) بالتشديد أي: تكلفت للسماع (قد أسمعت إن كان عندك غواث) -بضم الغين المعجمة- قال ابن الأثير: هو كالغياث اسم من الإغاثة، أي: إن كان عندك إغاثة فاعجل فيه (فجعلت تحوضه) -بضم التاء وتشديد الواو- أي: تجعله حوضًا (وتقول بيدها هكذا) أي: تعمل بيدها الحوض، فإن القول يطلق على كل فعل (فجعلت تغرف من الماء في سقائها) خوفًا من انقطاعه (وهو يفور) أي: ينبع بكثرة، من فوران القدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>