للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى. قَالَ فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِى إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْتَوِى مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - قَالَ - فَشَرِبَ، حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ «أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ». قُلْتُ بَلَى - قَالَ - فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْشُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَقُلْتُ أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «لَا تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا». فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا - أُرَى فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ، شَكَّ زُهَيْرٌ - فَقَالَ إِنِّى أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَىَّ فَادْعُوَا لِى، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ.

ــ

فظاهر، وأما كونه مال الحربي فلأن حل الغنائم إنما نزل بعد الهجرة (يرتوي) من الري ضد العطش، وفي الأساس روى وارتوى وتروى بمعنى، قال ابن الأثير: يرتوي منها، أي: يسقي للشرب والوضوء، قال: ورواه بعضهم روائها بالهمزة وهو خطأ، وجوابه رويتها بالياء أي: شدتها. و (القَعب) -بفتح القاف - القدح الضخم والكُتبة بضم الكاف القليل من كل شيء، ثم قال (ألم يأنِ للرحيل) أي يقرب الوقت من أنى يأني (واتبعنا سراقه بن مالك) المدلجي الكتاني، يكنى أبا سفيان كان يسكن قديدًا (فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت به فرسه إلى بطنها) أي ساخت في الأرض من رطمت الفرس في الوحل أدخلته فيه (أرى في جلد من الأرض) -بضم الهمزة- أي: أظن، من كلام الراوي، والجَلَد -بفتح الجيم واللام- اليابس الصلب، وله أبيات في هذه الواقعة يخاطب أبا جهل:

أبا حكم والله لو كنت شاهدًا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأن محمدًا ... رسولٌ ببرهان فمن ذا يقاومه

عليك بكف القوم عنه فإنني ... أرى أمره يومًا ستبدو معالمه

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى" فلما أتى عمر بسواري كسرى فدعا سراقة، فألبسهما إياه، وقال عمر يرفع صوته: الله أكبر الحمد لله الذي سلبهما كسرى الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما أعرابيًّا من بني مدلج، هذا الكلام قاله سراقة بالجعرانة بعد إسلامه (فالله لكما) بالنصب على حذف حرف القسم، وفي بعضها

<<  <  ج: ص:  >  >>