قد عد في الآية الكريمة الحرمات نسبًا ورضاعًا (قال أنس: والمحصنات ذوات الأزواج) يريد أنه معطوف علي الحرمات (لا يرى بأسًا أن ينزع الرجل جاريته عن عبده) لأن قوله: ({إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤]) استثناء من المحصنات وقد فسرت بذوات الأزواج، وبه قال مالك من الأئمة. وقال غيره: الآية نزلت في المسبيات اللاتي سبين من الأزواج فلا تدخل فيه الأمة التي تحت العبد. (وقال ابن عباس: ما زاد على أربع فهو حرام كأمه) أي: لا فرق في الحرمة بين نكاح الخامسة ونكاح أمه (وقال أحمد بن حنبل) روى عنه حديثًا مسندًا في آخر المغازي، وهنا بلفظ قال كأنه سمعه منه مذاكرةً، وقال في كتاب اللباس: وزاد أحمد عن ابن عباس. (حَرُم من النسبِ سبع، ومن الصهر سبع) بكسر الصاد من الصهارة، وهي القرب مقابل النسب لأن مداره على الولاد، ومدار الصهارة على التزوج. (ثم قرأ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] إلى آخر الآية) كذا قيل، وقد روى الطبراني أن ابن عباس قرأ الآية إلى قوله:{وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}[النساء: ٢٣] وقال: هذا النسب، ثم قرأ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] إلى قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء: ٢٣] ثم قرأ قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}[النساء: ٢٢] فقال: هذا الصهر. ولا يخفى أن إطلاق الصهر على الرضاع فيه تسامح.
فإن قلت: ليس في الآية ذكر السبع من جهة الصهارة. قلت: اكتفى بذكر أمهات النساء والربائب فدل بذكر الأصول والفروع على الحكم هنا مثل حكم النسب في الانتشار وقد جاء في الحديث: "لا يجمع بين المرأة وخالتها". وسيأتي عن قرب.