المثل قولة: شبه مضربه بمورده ثم استعير للحالة والصفة الغريبة؛ لأن الأمثال إذًا تضرب في الأمور الغريبة، ووجه الشبه حالة مركبة مأخوذة من طرفي المركبين، والحديث الظاهر، وموضع الدلالة قولهم (فمن أطاع محمدًا فقد أطاع الله) مأخوذ من قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠] فإنه يدل على وجوب الاعتصام بطاعته (يفقهْهَا) بالجزم جواب الأمر مضارع فقِه بالكسر إذا فهم (محمد فرّق) بتشديد الراء فعل ماض، كذا لأبي ذر ولغيره "فَرْق" بفتح الغاء وسكون الراء اسم فاعل بمعنى الفارق.
فإن قلت: ما الحكمة في قول بعض الملائكة: (إنه نائم) وجواب البعض: (إن العين نائمة والقلب يقظان)؟ قلت: الله أعلم أن بعضهم ظن أنه كسائر النيام، ولا يفهم فأجاب الذين يعرفون أنه ليس كسائر الناس، فلما أرادوا ضرب المثل -ولا يكون إلا في الأمور الغريبة- استبعدوا أن يفهم ذلك الضرب فقالوا:(إنه نائم) فأجاب الأولون فقالوا: (إنه لا يخفى عليه) ثم فضلوا ذلك المجمل ليتضح له ولكل أحد.
٧٢٨٢ - (أبو نعيم) بضم النون مصغر (همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن حذيفة قال: يا معشر القراء استقيموا) هذا موضع الدلالة، وإن طريق الإستقامة في الدين إلا بالكتاب والسنة (فقد سبقتم سبقًا بعيدًا) بفتح السين على بناء الفاعل، ويروى بضمها على بناء المجهول، والأول أرجح؛ لأنه يخاطب الصحابة حفاظ القرآن يريد أنهم خير طائفة من خير القرون، فلهم السبق البعيد (وإن أخذتم يمينًا وشمالًا) كناية عن ترك الكتاب والسنة.