جمع مَعرج بفتح الميم وهو الدرجة، والمِعراج -بكسر الميم- شبه سلم تعرج الملائكة تعرج إليه هذا لائم المعنى فإن فيه وأرواح المؤمنين إذا قبضت قالوا: عليه من الزينة والحسن ما إذا رأته نفس المؤمن تخرج إليه سريعًا. قال ابن الأثير وغيره:{ذِي الْمَعَارِجِ}: هو الله تعالى، والإضافة للتشريف مثل ناقة الله.
٧٤٢٩ - وحديث أبي هريرة (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار) تقدم في أول كتاب الصلاة. وهذا على لغة: أكلوني البراغيث، أو الملائكة مبتدأ ويتعاقبون خبره (يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر) وذلك لأن وقت العصر وقت الاشتغال بالتفقه وفراغ البال بعد الأعمال للتمتع ووقت الفجر النوم، فإذا حافظ الإنسان على هاتين فعلى غيرهما أحفظ (ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون) هذا هو الجواب، فإن السؤال واقع عن التَرْك، وقولهم (وأتيناهم وهم يصلون) زيادةٌ مدحًا لهم.
فإن قلت: إذا كان الله أعلم بحالهم كما صرح به في الحديث فأي حكمة في السؤال؟ قلت: ليظهر شرف المؤمن عند سائر الكروبيين فإنهم الذين قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}[البقرة: ٣٠].
فإن قلت: لم خص السؤال بالذين باتوا؟ قلت: قيل: لأن الليل مظنة الراحة
والمعصية، فإذا لم يعصوا فيه واستغلوا بالعبادة ففي النهار من باب الأولى أو اكتفى بأحدهما عن الآخر. وأنت تعلم أن هذا لا مساس له بالمقام، فإن السؤال وقع عن كيفية الترك لا غير، فلا دخل لكون الليل مظنة المعاصي. والأظهر في الجواب أن ملائكة الليل يشهدون أربع صلوات: العصر والمغرب والعشاء والصبح، فهم أكثر علمًا وإطلاعًا.