بغير إذن من الله في قتله. (فيأتوني فأستأذن على ربي في داره) أي في دخوله في داره، أي: في الجنة، لأن من أسمائه تعالى السلام، ومن أسماء الجنة دار السلام، والله يدعو إلى دار السلام. أو الإضافة للتشريف كما في قوله: {وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)} [الفجر: ٣٠].
ومن سقط الكلام ما يقال: استأذن في داري، على أن الضمير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما التفت من التكلم إلى الغيبة، وكيف يقبل الذوق السليم ضد الالتفات على أن الجنة ليست داره، بل هي دار جميع المؤمنين. وليس المعنى أنه يدخله منزله الخاص في أعلى الجنان. وقد أشرنا إلى أن السرّ في الشفاعة في الجنة أنها دار الرحمة ومحل الأماني. وليت شعري ما يقول في قوله (على ربي) وقوله (فيؤذن لي عليه) إذ معناه على ذلك التقدير: فاستأذن ربي في أن أدخل على ربي في داري (فيؤذن رأيته وقعت له ساجدًا فيدَعني ما شاء الله) قد أشرنا أنه يدعه في تلك السجدة مقدار سبعة أيام من أيام الدنيا (فأخرج فأُخرجهم) الأول بفتح الهمزة، والثاني بضمها (فأدخلهم الجنة حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن) أي وجب عليه الخلود.
فإن قلت: هذا يدل على أن من يخرج بشفاعته وقد تقدم آنفًا أن الله يقول "بقيت شفاعتي فقبض قبضة". قلت: قوله (حتى ما يبقى) ليس غاية لإخراجهم بل لذهابه ومجيئه.