(ثم علا به إلى ما لا يعلمه إلا الله, ودنا الجبار رب العزة منه فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى) هذا أيضًا مما أنكر به على شريك فإنه تفرد بهذا، وهذا في القرآن وصف جبريل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد حمله شريك على قرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ربه تعالى، فمن العلماء من قال: هذا الخلل من شريك، أو من أنس فإنه لم يرفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ليس بشيء؛ لأن مثله في حكم المرفوع، وقال الخطابي: من أحاط بأول الحديث وآخره لم يشكل عليه لأن أول الحديث أنه كان نائمًا، فكان هذا رؤيا منام، والرؤيا يجوز صرفها إلى غير ظاهرها، وهذا أيضًا ليس بشيء لأن الرؤيا كانت في الليلة الأولى، وأما فرض الصلاة لم يكن إلا في اليقظة بإجماع من يُعتدّ به.
ثم قال: وهذا مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع جبريل كما في الآية. قلت: قوله: (ودنا الجبار فتدلى حتى كان قاب قوسين) حمله على جبريل لا يرضاه من له قدم [في] العربية، ولقد أحسن القاضي عياض رحمه الله في قوله: القرب والدنو إلى الله، أو من الله ليس دنو مكان، بل بالنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إشارة إلى شرف محله، وعظم منزلته عند الله ومن الله تعالى تأنيس رسوله وإكرامه. وهذا كما تقدم من قوله:"من تقرب إلى شبرًا". وتقريب وله نظائر فوق الحد، بل الآيات وأحاديث الصفات كلها من هذا القبيل.
(فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه) وهو أيضًا فإن المكان لا يضاف إليه تعالى