والجواب أن الضمير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (قال يا موسى قد والله استحييت من ربي) هذا أيضًا مما تفرد به شريك فإنه جعل هذا الكلام بعد الخامسة. وفي رواية ثابت عن أنس أنه كان بعد التاسعة لأن إسقاط الصلاة كان خمسًا خمسًا (فاستيقظ وهو في المسجد الحرام) وهذا أيضًا من تفردات شريك، وبه استدل من قال: إن المعراج كان منامًا والجواب: أنه لم يقل: استيقظ من نومه فالمعنى أنه كان مشغول البال مستغرقًا في أنوار الجلال والجمال فلم ير نفسه ولا الالتفات إلى ما سوى ربه إلى أن بلغ المسجد، كيف لا وعند نزول الوحي كان يغيب عن الناس، وعن نفسه كالذي يُغشى عليه. وقيل: معناه استيقظ من نومة نامها بعد الإسراء كان في بعض الليل وليس بشيء لأن قوله (استيقظ وهو في المسجد) يدل على أن النوم لم يكن في المسجد، ولو كان المراد ذلك لقال: ثم نام في المسجد قيل وأما قوله: (فاهبط بسم الله) والظاهر أن القائل موسى لأن المحاورة بينهما، وقيل: القائل جبريل.
فإن قلت: في هذه الرواية أن موسى كان في السماء السابعة، وهي في رواية مالك بن أبي صعصعة "أنه وجد في السابعة". قلت: تقدم الجواب عنه بأن في عالم الأرواح يسيرون حيث شاؤوا. هذا ما تيسر لي في هذا المقام، وأنت خبير بأنه مقام وأي مقام.